ظلت أعمال « جارسيا ماركيز» حبيسة الأدراج لسنواتٍ طوال ، و من شدة فقره بعث بمسودة عمله الكبير « مائة عام من العزلة « على دفعتين فوصلت من سوء حظه الثانية قبل الأولى مما وضعه في موقف محرج من الناشر الذي لم يفهم ذلك السلوك. حين خرجت رواية ماركيز شيئاً فشيئاً هاجمها النقاد الذين كان معظمهم من مدرسة « الرواية الحديثة « النابعة من فرنسا . كان للرواية عند هؤلاء خصائص وأبعاد وشروط وكل من يشذ عن تقاليد هذه المدرسة لا ينظر اليه ،و إن بزغ نجمه قليلاً فإنه يهاجَم بضراوة ، وعندما فاز جارسيا بنوبل هوجم من قبل النقاد ووصِمت رواية الكولمبي القادم من جمهوريات الموز بالشعبوية ، تلك الرواية التي بيع منها ما يفوق الخمسين مليون نسخة بخمس وعشرين لغة كأكثر رواية بيعت في تاريخ البشرية. من المفارقات العجيبة أن ماركيز ظل ممنوعاً من دخول الولايات المتحدة الأمريكية لسنوات بسبب صداقته للزعيم الكوبي كاسترو ، الى أن وصل المفتون بأعماله «بيل كلينتون» الى سدة الحكم و خاطب مكتب التحقيقات الفيدرالي : «عارٌ على بلاد الديموقراطية أن تمنع كاتباً من دخول أراضيها ، في حين أن الناس تقف بالطوابير لاقتناء أعماله!» رُفع الحظر و قُضي الأمر.
مشاركة :