الولايات المتحدة هي بلد الطيران ، فبجانب أنها بلاد الأخوين رايت واحتوائها على شركات الطيران الضخمة بوينج و لوكهيد ووكالة الفضاء ناسا فهي مركز تنبؤات للطقس -وهي بالغة الدقة- والخرائط الملاحية، أميركا عضو مؤسس في منظمات الطيران العالمية ، وبلد مشرع لقوانين الطيران الدولية أيضاً ولديه نظام طيران خاص به ومعمول به عالمياً، 14 ألف مطار ، منها 5 آلاف ذات مدرج معبد إسفلتي وتشمل مطارات دولية ، محلية، شحن، زراعية ، ترفيهية، وخاصة ، إذ يمتلك الممثل جون ترافولتا مثلاً منزلاً به مدرج معد لطائراته الخاصة ! عودةً لرحلتي في عالم الطيران ، يبدأ الطالب الطيار (هكذا يسمونه) تدريباتٍ مع مدرب مرخص له من السلطات، لعدد معين من الساعات ثم يطير منفرداً بعد أن يصرح له المدرب على مسؤوليته بناءً على ما أثبته من قدرات ، ثم يكمل متطلبات الرخص الثلاث المطلوبة حول العالم (Private, Instrument , Commercial ) وإضافة للرخص والإختبارات الطبية والنفسية .. فالطيران موهبة ! إما أن يمتلكها المرء وإما لا. ويمضي الطيار بقية حياته في اختبارات وفحوصات دورية لامناص منها وهو بذلك يمر دوماً على كم هائل من المعلومات من كتب عامة و قوانين الشركة التي يعمل بها . التدريب يتم على طائرات مروحية خفيفة وذلك لسبب قلة تكلفتها ، وتحملها لعنف الطلاب الطيارين في بداية التدريب ! وهذه الطائرات ذات محركات تفي بالغرض فقط أي أنها ليست للسرعة والإستعراض ! وأذكر أنه في بعض الرحلات من شرق فلوريدا لغربها .. حين تشتد الرياح على إرتفاع الطائرة ، فإن المركبات على طريق ( i 4 ) كانت تمر من تحتنا مرور الكرام ! وما إن تهبط بطائرتك الصغيرة في أحد المطارات لتعبئة الوقود بمبلغ زهيد وقتها ، حتى تفاجأ بالخدمات التي يتاح لك إستخدامها كأي طائرة ضخمة تحط بجانبك ، كأن يعرض عليك الوكيل المُشغل سيارة تستقلها لقضاء حاجة لبضع ساعات مجاناً . ومن المواقف المحرجة التي مررت بها أنني اشتقت لأكلنا العربي بعد شهور من أكل البيتزا و شرائح البرجر التي لاتسمن ولاتغني من جوع ، وكنت على الهاتف مع صديق في مدينة أخرى في ولاية ملاصقة في الشمال، فحدثني عن جودة الأرز الأمريكي لعمل «السليق» ! فدخل كلامه مباشرة لمعدتي البائسة ولم أملك أمام إصرارهما (صديقي ومعدتي) إلا أن ألبي! فقمت بإعداد خرائط الرحلة بمساعدة صديقي عبدالله الشبل وانطلقت محلقاً ، ومع إقترابي من المطار سمعت نشرة الطقس من مسجل المطار الآلي وكانت سرعة الرياح شديدة بالنسبة لما تدربنا عليها ! ولم يكن أمامي إلا الهبوط في المطار بدلاً من إحدى بحيرات فلوريدا المليئة بالتماسيح ! قمت بربط الطائرة كإجراء إحترازي للطقس ، وانطلقت ملبياً لنداء «الأصدقاء». إلى اللقاء،
مشاركة :