ترى لمَ لا نحترم من هم أصغر منا سناً ؟ هل لأنهم يذكروننا بأخطائنا ؟ سذاجتنا؟ أم أننا نعاملهم كما عاملتنا مجتمعاتنا ؟ منذ فترة أسرَّ لي أحد المثقفين بأمر يثير حفيظته ، فلقد بلغ العقد الخامس من عمره ولا يزال يعاني من أن البعض لا يأخذونه بجدية لأن شكله يبدو أصغر سناً ! ربما لأن الناس قد ألفت المسئول العربي في صورة معينة يغزو فيها الشيب شعره. وعندما بعثت مؤلفة السلسلة الشهيرة "هاري پوتر" بالمادة الى الناشر (في مطلع القرن الحادي والعشرين!) نصحها بأن تكتب باسم رجل (اسم قلمي) لتأخذها الناس بجدية ، كما فعلت "شارلوت برونتي" صاحبة الرواية العالمية "جين اير" ، فرفضت في البداية لكنها عملت بنصف النصيحة وكتبت بحروف ابتدائية "J. K ROWLING" . إذاً هناك معضلة بأن الناس تميل الى عدم أخذ صغار السن و السيدات بجدية ، كما أنه من المعروف أن الناس تثق بالشخص الطويل أكثر من القصير. يقول الكاتب الإماراتي ياسر حارب : "في بعض المجتمعات العربية، يَندُر أن تجد من يقول لك «أنت ناجح»، ولكن من السهل أن تجد من يقول «أنت مخطئ»، وهذا أحد أسباب التراجع العربي. ولذلك لا يشعر غالبية المبدعين في تلك المجتمعات بالأمان المعرفي، ويسعون إلى استرضاء طائفة فكرية معيّنة، حتى يجــدوا لديها تشجيعاً أياً كانت صيغته. فيتحــول المبدعون في هذه الحال إلى نسخ مكررة، تُردد نفس الشعارات، وتستشهد بنفس المقولات التي يتداولها مَن حولهم" أكيد أن من ضمن موجة الكتب الحديثة هذه شيئاً من الغث ، لكن ماذا لو كان بينها السمين أيضاً ؟ ماذا سنجني لو قمعنا هذه الطفرة الثقافية بدلاً من أن نوجهها ؟ كم سيكون رائعاً لو تبنى عدد من المثقفين الحقيقيين ثلةً من هؤلاء الناشئة لتوجيههم ومصاحبتهم وربما تخصيص جوائز سنوية لأفضلهم بدلاً من التقليل من قيمتهم ووضعهم جميعاً في ركن واحد . فلندع القارئ يكون هو الحكم ، فلقد بقي من محال الكعك أجودها ، ومن برامج اليوتيوب أفضلها و لن يبقى الا ما ينفع الناس ، و أما الزبد فيذهب جفاءً. *تحية لكل الكِبار الذين التقيتهم في سنٍ مبكرة فأدنوني منهم و أعاروني آذانهم فتعلمت منهم دون أن يشعروني بذلك .
مشاركة :