تجليات الروح الوطنية في «وطن النور»

  • 2/12/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تبادر «دارة الأنصاري للفكر والثقافة»، بالتعاون مع جريدة «الأيام»، كناشر حصري، بإعادة نشر بعض مقالات أ. د. محمد جابر الأنصاري «بتصرف»، وتحمل المقالات المختارة قراءة للحاضر من ماضٍ قريبيسجل لنا التاريخ نماذج مؤثرة لقادة استطاعوا أن يقدموا ((الروح المعنوية)) على عامل ((القوة المادية)) من أجل كسب الانتصارات في بناء مستقبل شعوبهم. وكثيرًا ما أتذكر هذه ((المعادلة)) الحيوية في فكر من تبنوها وأن أشهد عن كثب هذه الانتصارات والانجازات التي يحققها شعبنا في البحرين بروحه الوطنية العالية التي بعثها في كيانه قائدنا المبدع حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، فهبّ هذا الشعب خلف قائده هبة رجل واحد، وأصبحا معًا، القائد وشعبه، رجلًا في أمة، وأمة في رجل.***في البدء كان قرار إجراء الاستفتاء الشعبي على ميثاق العمل الوطني، ذلك الاستفتاء التاريخي الذي أراده ((حمد)) تواصلاً مع شعبه واستماعًا لكلمته، وتعبيرًا عن تطلعه، فجاء فوق كل التوقعات بمثابة انفراج واسع في مسيرة البحرين.. لم يسبق له مثيل. وأطل نور الوحدة الوطنية على ((وطن النور))، فكان ضوءً وهداية لكل بحريني مخلص يريد بناء أسس الحرية والعدل والحق فوق تراب البحرين. وانفتح صدر الوطن واسعًا، برحابة صدر القائد، لجميع أبنائه، واستشعر شعبه ذلك الحب ليصطفوا كالبنيان المرصوص خلف ((حمد)) الخير، رجل المكرمات، التي وصل خيرها إلى الشعب فلمسها لمس اليد في قراه ومدنه، وفي مدارسه ومعاهده، وفي مسكنه وعمله. والاستماع إلى آثار هذه المكرمات في نفوس الشعب وعلى ألسنة المواطنين مباشرة أبلغ وأفصح من بلاغة أي كاتب، وفصاحة أي خطيب، وذلك ما ينبغي أن يلتفت إليه الإعلام البحريني.وعلى أهمية تلبية الاحتياجات المعيشية للمواطن، انفتح المجال لاكتمال سجل حقوق الانسان السياسية والدستورية مع حقوقه الاقتصادية والتعليمية والصحية، فتوازنت المعادلة الحيوية، وتعادلت الكفتان برعاية وحماية المؤسسات الدستورية، التي جاءت في مواعيدها المقررة.وإذْ اتسع فضاء حرية التعبير منذ التصديق على الميثاق، فقد تقدم القائد خطوة أخرى بالإعراب عن ترك حرية الخيار لنواب الشعب المنتخبين، كما في الديمقراطيات الحية، لتحمّل المسئولية الدستورية بشأن تقنين وتنظيم ميدان العمل السياسي وشئون الحياة العامة. وتلك رؤية قيادية غير مسبوقة في هذه المنطقة من العالم، نالت استحسان المراقبين والمفكرين السياسيين من مختلف الاتجاهات.أما على صعيد الإدارة الحكومية فيستمر تطعيم جهاز الدولة بالدماء الجديدة وبالعناصر الشابة المؤمنة بضرورة التخلص من شوائب الروتين والتقصير، انسجامًا مع روح الاصلاح والتحديث الشامل، وتطبيقًا لأصول العمل القويم الذي تحتمه مبادئ الميثاق ونصوص الدستور، لترشيد أداء الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية.ولقد أثبتت الرؤية البعيدة للقائد، والنضج السياسي والحضاري للشعب إمكانية تحقيق الانتصار للمشروع الوطني التحديثي الشامل، رغم صعوبات الواقع وطول الطريق. وها هي النتائج تأتي أكثر من مشجعة تعززها أساسًا روح الوحدة الوطنية، وهي الروح التي يوليها الملك القائد جُلَ اهتمامه ويسهر على رعايتها بالغالي والنفيس. وكلُ تنوع واجتهاد مقبول لديه ومُرحّب به طالما يلتزم أصحابه إطار هذه الوحدة الوطنية، وهذا التلاحم الوطني الذي يُعتبر ترسيخه وتعميقه وحراسته واجبًا مقدسًا على عاتق كل بحريني وبحرينية إذا أردنا التمتع بجو الحرية المتسع في مملكتنا السمحة وبالإنجازات المتوالية في ظل الدستور والديمقراطية. إن البحرين بلد صغير ومحدود في إمكانياته المادية، لكنها المعادلة الحيوية التي أشرنا إليها في بداية هذا المقال بين الروح المعنوية والقوة المادية.والروح المعنوية تكمن في صلب إرادة التلاحم الوطني الذي يتوجب علينا جميعًا إغناؤه بالمزيد من الممارسات الواقعية المباشرة بين المواطنين من مختلف الانتماءات في الحياة وفي العمل وسائر الأنشطة الاجتماعية والشبابية والرياضية.وكل من شهد أداء منتخب البحرين الوطني لكرة القدم في المحافل الرياضية، أحس بأن هذا ((الفريق)) الممثل للبحرين كلها، يتحرك بالروح المعنوية العالية التي يبثها ((حمد بن عيسى)) في نفوس أبنائه وشعبه.. وهو ما يهب له كل ((فريق)) بحريني في ساحة البناء الوطني.. فنحن مسؤولون بالتكاتف مع القائد لإيجاد مختلف السبل العملية الكفيلة بتعميق روح التلاحم الوطني في البحرين، ليس بالفكر النظري فقط، وإنما بالممارسة الحياتية الواقعية المعاشة.. تفاعلاً وتعاونًا وتحضيرًا للجيل الجديد المنتظر من أبناء البحرين وبناتها ممن لن يكون لهم ((انحياز)) إلا للبحرين، ولن يكون لهم حزب غير حزب الاجماع الوطني المؤمن بالبحرين عربية مسلمة، حرة ديمقراطية، متحضرة ومتسامحة.. إن التاريخ لا يكرر الفرص المصيرية كثيرًا.. وعلينا الامساك بهذه الفرصة التاريخية واستثمارها استثمارًا واقعيًا بالممارسة المدنية المنضبطة، ففرصة التلاقي بين القائد والشعب، لا يتأتى مثلها إلا نادرًا، خاصة في هذه المنطقة من العالم.إن كل مخزوننا الحضاري وذكائنا السياسي يؤهلنا بأن نُنجح التجربة وأن نحقق الانتصارات الميدانية في معركة الانتاج والتعمير، وهو ما سيمدنا على الدوام بالمزيد من الروح المعنوية العالية التي ((تصنع التاريخ)).*دارة «الأنصاري» للفكر والثقافة هي مؤسسة ثقافية تم تأسيسها بهدف الحفاظ على إنتاج الأنصاري وأعماله الفكرية والأدبية لتكون متاحة للمختصين والمهتمين للبناء عليها وإثرائها، ومن المؤمل أن تكون مظلة لعدد من النشاطات والفعاليات التي اهتم بها الدكتور الأنصاري وركز عليها، طوال مسيرته العلمية، وفي مقدمتها، التعريف بالجوانب المضيئة للحضارة الإسلامية والتراث العربي وتحليل أسباب أفولها برؤية نقدية وواقعية لإعادة إحيائها، وبمقاربة علمية وموضوعية. هذه المقالة نشرت مع انطلاقة مشروع الإصلاح الوطني.. ولا تزال صالحة للنشر إلى اليوم

مشاركة :