نشيد بمجهودات وزارة الأشغال فيما تقوم به من جهود كبيرة في أعمال البنية التحتية ورصف الطرق وبناء الجسور والكباري والأنفاق بالمملكة وكذلك الإنشاءات الخاصة بمؤسسات حكومية متنوعة لا يمكن إنكار العمل الضخم فيها، وفي هذا المقام نوجه الشكر إلى المهندس عصام خلف وزير الأشغال والبلديات، ولا نستطيع في ذات الوقت إلا أن نشد على يد وزير الطاقة الكهرباء والماء الدكتور عبدالحسين ميرزا وما يقوم به من تطوير كبير لخطوط المياه والكهرباء بجميع أنحاء المملكة، والتحديث المستمر لتلك الشبكات وما تحتاجه من أعمال ضخمة وحفريات مستمرة، وكذلك إنشاء محطات الكهرباء والصرف الصحي. لكن دائما ما يتبادر إلى ذهني والى ذهن كثير من المواطنين هو سؤال كبير عندما نشاهد ما يحدث في بعض شوارع البحرين بصفة يومية، فلا يكاد يمر يوم علينا دون أن نرى جهة حكومية تهدر ما قامت به جهة حكومية أخرى من أعمال رصف للشوارع، فبعد أن يتم رصف الشارع والانتهاء منه، نتفاجأ بقدوم آليات وأوناش وعمال لبدء الحفر في ذات الشارع وإعادته إلى ما كان عليه قبل الرصف والسفلتة، وكأنهم كانوا ينتظرون دورهم لهدم ما قامت به جهة حكومية زميلة، في لعبة تشبه معارك القط توم مع الفأر جيري التي لا تنتهي وتصيبنا بالضحك والسخرية والذهول. وما يحزنني كثيراً وكذلك كل من يشاهد ويتابع محرقة العمل المهدر اليومية في كل أنحاء البحرين، أن يأتي العمال لتبليط أحد الشوارع وربما يستمر العمل فيه لأيام وأحياناً لأسابيع، وبعد الانتهاء منه، لا يكاد المواطن يستمتع بمنظره سوى لأيام، حتى يعود عمال آخرون لرفع الطابوق وحفر الرصيف والبحث عن ضالتهم التي لا أعرف ما هي، ولماذا خفيت عنهم قبل أعمال الرصف، وهل كان ذلك بهدف بحثي أثري أم علمي أم عم يبحثون أصلا بعد الرصف. وكأن تلك الأعمال لا تنتهي في شوارع المملكة، فلم أشهد شارعا مما تم الانتهاء من أعمال رصفه قد استقر على وضعه لأكثر من شهر على أكثر تقدير حتى تعود إليه الآليات والعمال، وعندما طرحت السؤال على أحد الزملاء المهندسين قال لي ان المقاولين المختصين بأعمال الحفر لدى الوزارات يقومون بتوقيع العقود وتحديد التكلفة وتاريخ بدء العمل ثم يتوجهون إلى المنطقة فيجدون عمالا لجهة حكومية أخرى يحفرون في نفس المكان، فلا يستطيع المقاول إلا أن ينتظر لحين انتهاء زميله التابع لتلك الجهة من إنهاء أعماله، وقد أكد لي هذا المهندس أن المقاولين أنفسهم يعانون الأمرين بسبب عدم التنسيق، وذلك لتعطل أعمالهم وإفساد جداول عمل مخطط لها، وعندما يطالبون الوزارة المعنية بزيادة فيما تم الاتفاق عليه، يقولون لهم انه لا يمكن تجاوز الميزانيات المخططة ولو بمبلغ 20 دينارا. ولعل السخرية في رد بعض الوزارات أكبر مما يتخيله العقل، فللوهلة الأولى يعتقد القارئ والسامع والمشاهد أن مسؤولي الوزارة يحافظون على المال العام ولا يسمحون لأنفسهم بتجاوز الميزانية أو صرف مبالغ إضافية، بينما الحقيقة المريرة هي أنهم ربما يوفرون عدة دنانير هنا، بينما تخسر الدولة آلاف الدنانير هناك بسبب عدم التنسيق والتخطيط. أعود وأسأل السادة المسؤولين المعنيين بعمليات البنية التحتية في المملكة، وانا اعلم بان هناك تنسيقا بين الوزارات لهذا الغرض ولكن مع الأسف الشديد يتبين بانه على الورق فقط وﻻ يطبق عمليا على ارض الواقع. نحن بحاجة الى تنسيق فعلي عالي المستوى بين جميع وزارات الدولة المعنية بعمليات الحفر والردم والرصف والهدم لتفادي الهدر الفظيع في ميزانية الدولة، هل سيتكلف أمر تلك الاجتماعات أكثر مما نخسره يوميا في نزيف الشوارع، هل توجد وسائل تواصل مثل الهواتف وشبكة الإنترنت لدى المسؤولين يمكن استخدامها في عمليات التخطيط للمشروعات والتنسيق فيما بينهم. والغريب أننا نتحدث عن وجود مشكلة في موازنة الدولة وضرورة الاقتراض لسد الفجوة في الدين العام، لكن يلتزم المسؤولون الصمت حيال أمور كثيرة ممكن أن تحول بيننا وبين شر الاقتراض وفوائده. سيظل التخطيط والتنسيق هو العامل الأهم في تقدم أي دولة والمعيار الأساسي للحكم على أداء حكومتها وكفاءة المسؤولين فيها، وربما نسمع الكثير من الجمل الرنانة والعبارات الضخمة والفارغة في ذات الوقت من المضمون، حول التخطيط الاستراتيجي واستخدام التكنولوجيا لتطوير الأداء الحكومي، والأخذ بالمعايير الدولية في تطبيق نظم الإدارة الحديثة، ولكن كل هذا الكلام ينتهي عند مرحلة الطباعة دون وجود تطبيق حقيقي له على أرض الواقع، ولدي من اﻻمثلة والشكاوى الكثير في هذا الخصوص ومع اﻻسف الشديد يتذمر بعض المهندسين في بعض مواقع العمل وخاصة عندما يطالبهم اﻻهالي بإعادة رصف الشارع الى وضعه الصحيح وخاصة امام منازلهم.
مشاركة :