لمعرفة إذا ما كانت المنصات الرقمية تغير موازين القوى في قطاع النشر، قمنا بتحليل مبيعات "أمازون" للكتب الرقمية خلال سبعة أرباع مالية، إلى جانب أنشطة "تويتر"، وتقييمات وآراء المستهلكين خلال الفترة نفسها. أكدت نماذج بياناتنا عدة أنماط بشكل متكرر. أولا: عدد تقييمات المستهلكين على "أمازون" - ولا سيما التقييمات ذات الخمس والأربع نجوم- لها تأثير كبير في مبيعات الناشرين الصغار والمستقلين، مقارنة بالعمالقة الخمسة. فبالنسبة إلى الكتب التي تحمل عناوين مألوفة، يبدو أن العملاء يتجاهلون التقييمات الإيجابية لعدم جدواها، بدلا من اعتمادها كمرجعية ذات مصداقية للشركات الخمس العملاقة. أظهرت النتائج بشكل متكرر التأثير المباشر لحجم التغريدات في مبيعات الكتب، ولكن بشكل أقل، مقارنة بتقييمات "أمازون". وتبين عدم وجود تأثير للآراء الإيجابية والسلبية في "تويتر" في المبيعات، عكس "أمازون". فتنوع الآراء على "تويتر" يؤثر في المبيعات بشكل أكبر من الآراء التي تميل لإعطاء تأثير إيجابي فقط. على العموم، يبدو أن كلا من "تويتر" و"أمازون" تلعبان أدوارا مختلفة على طول رحلة شراء المستهلك للكتب الرقمية. فغالبا ما يستخدم "تويتر" كمنصة للاكتشاف في حال حاز العنوان اهتمام القارئ ومن ثم الآراء المطروحة. وبمجرد أن يحظى الكتاب بالاهتمام، يتحول العميل المحتمل إلى "أمازون" للحصول على مزيد من المعلومات حول الكتاب. وفي حال وجود تقييمات إيجابية، فمن المحتمل القيام بعملية الشراء. بالتالي، فإن تأثير "تويتر" في عملية بيع الكتب الرقمية – كمرحلة أولية في رحلة العميل – أكثر أهمية مما تشير إليه نتائجنا، ولكن لا يمكن تحديدها بسهولة. أصبحت التأثيرات الشاملة واضحة تماما، عند مقارنتنا لمزايا البيع التي يتيحها حجم الناشر (بدءا من الشركات الخمس الكبرى إلى دور النشر المستقلة) إلى المزايا الأخرى التي توفرها التقييمات على "تويتر" و"أمازون". أظهرت البيانات أن مبيعات الكتاب المنشور بشكل مستقل والحاصل على عديد من التقييمات الإيجابية على "أمازون" قد تتفوق على آخر تنشره إحدى دور النشر الكبرى الخمس، ولا توجد تقييمات عنه. نريد أن نوضح أن أعدادا محدودة من الكتب المنشورة ذاتيا عبر "أمازون" ستلقى رواجا كبيرا. ومع ذلك، فمن المرجح استمرار انخفاض الحصة السوقية للشركات الخمس العملاقة، ولا سيما بفضل المزايا العديدة التي يوفرها كل من "أمازون" ووسائل التواصل الاجتماعي. وسيتعين على الشركات الخمس الكبرى النمو بشكل أسرع لتستطيع التكيف - ولا يعد ذلك مهمة سهلة، نظرا لكبر حجمها والبيروقراطية المترسخة فيها. من جهة أخرى، كلما قلت هيمنة تلك الشركات، ازدادت احتمالية خسارتها مواهب لمصلحة أسلوب النشر الذاتي ودور النشر الصغرى. وجدنا خلال فترة الدراسة تحول 7 في المائة من المؤلفين المتعاملين مع تلك الشركات، إلى دور نشر أصغر. ليس من قبيل المصادفة أن تتم إعادة هيكلة قطاع النشر بالتزامن مع ثورة الكتب الرقمية. ونتوقع رقمنة أنماط مماثلة أخرى على نحو سريع. ومع ذلك، يمكن أن تكون القطاعات الأخرى التي قد تبدو بعيدة عن هذا النوع من الابتكارات، عرضة لها أيضا. على سبيل المثال، قد تضطر الشركات المصنعة الكبرى إلى التعامل مع نسختها الخاصة من الأزمات "كما في حالة أمازون" مع انتشار منصات الطباعة ثلاثية الأبعاد بشكل واسع. وقد تصل المنصات الرقمية إلى قطاعات مختلفة لتنهي مرحلة طويلة من مسيرتها.
مشاركة :