لا يزال الشرق الأوسط متأخرا كثيرا عن الاقتصادات المتقدمة. وتسهم التكنولوجيا الرقمية بنحو 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في الشرق الأوسط "دون شمال إفريقيا"، مقارنة بنسبة 8 في المائة في الولايات المتحدة، ولا تشكل إلا 1 في المائة من إيرادات أكبر ألف شركة تكنولوجيا في العالم، مقارنة بنسبة 36 في المائة في الولايات المتحدة، وفقا لتقرير صادر عن شركة ماكينزي وشركاه والإمارات من بين قادة التكنولوجيا الرقمية في المنطقة، حيث شكلت 42 في المائة من المشاريع المبتدئة وفقا لمنصة ماجنيت. وتجذب دبي، وهي كبرى مدن الإمارات، أصحاب المشاريع من جميع أرجاء المنطقة. وعلى النحو الذي أوضحه صاحب المشاريع فإن "البنية التحتية عظيمة والإنترنت رائع وهناك مساحات كثيرة للعمل المشترك" أو مكاتب مشتركة توفر بيئة عمل تعاونية. وتستفيد الإمارات أيضا من استراتيجية متماسكة إزاء الابتكار. ومن الأمثلة على ذلك "مسرعات دبي المستقبل"، وهو برنامج مدته تسعة أسابيع يحقق الاقتران بين شركات التكنولوجيا والإدارات الحكومية حتى يمكن للمسؤولين المساعدة على إجراء التغييرات التنظيمية اللازمة لنقل التكنولوجيات الجديدة إلى السوق بسرعة. ويقول خلفان بلهول، المدير التنفيذي، "إن التحدي هنا يتمثل في أن الابتكار كثيرا ما يواجه المقاومة، ولا سيما من الهيئات الحكومية". ولكنه يقول إن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "يريد أن تصبح دبي المقصد الأول لأي مبتكر في العالم". وعبر المنطقة، تطلق الحكومات صناديق التكنولوجيا. وأطلق صندوق السعودية وهو أكبر صندوق بقيمة 100 مليار دولار هذا العام ولا يزال يتوقع أن يحدث أثرا في الساحة التكنولوجية الوليدة في البلد، كما تقول راشيل وليامسون محللة تكنولوجيا مستقلة في الشرق الأوسط. وتضيف "القطاع ينمو بسرعة ولكنه جديد جدا. وهناك الكثير من الكلام ولكن ليس الكثير من حيث النظام الإيكولوجي". تعداد سكان مصر الآخذ في النمو بسرعة والبالغ نحو 100 مليون نسمة هو الأكبر في العالم العربي وهو ما يجعلها سوقا واعدة ولكن محفوفة بالتحديات. ويتصل أقل بقليل من نصف سكان البلد بالإنترنت وفقا لتقديرات الحكومة. ويرى أصحاب المشاريع مثل أمير برسوم أن مشاكل مصر الكثيرة، من قبيل المدارس والمستشفيات المكتظة إلى البنية التحتية المتهالكة، تمثل فرصا للأعمال. وبمجرد الفكرة السليمة ـــ تطبيق تكنولوجي يساعد الناس على الوصول إلى الخدمات المالية أو أسلوب أكثر كفاءة لطلب سيارة أجرة ــــ فإنهم يمكن أن يستفيدوا من التكنولوجيات القائمة للتغلب على هذه المشكلات وتحقيق ربح في الوقت نفسه. وفي عام 2012، أنشأ برسوم شركة فيزيتا، وهي منصة رقمية للرعاية الصحية تعمل على أتمتة مواعيد الزيارات وتخفض أوقات الانتظار في المستشفيات والعيادات. واليوم، توظف الشركة 200 موظف وتساعد مليون مستخدم على حجز 60 ألف ميعاد زيارة شهريا. وبتمويل قدره 10.5 مليون دولار أمريكي، توسعت شركة فيزيتا من مصر إلى الأردن ولبنان وتعتزم دخول أسواق بلدان أخرى في الشرق الأوسط قريبا. ويمثل التمويل مجالا آخر من الفرص. فقد ولدت المنطقة أكثر من 100 شركة نشطة في مجال تكنولوجيا التمويل علما أن 14 في المائة فقط من البالغين في تلك المنطقة لديهم حسابات مصرفية. ومن بين هذه الشركات شركة فوري، وهي منصة تقدم خدمات دفع الفواتير وغيرها من الخدمات عبر الإنترنت من خلال المحافظ المتنقلة وعن طريق 65 ألف موقع. "بدأت التكنولوجيا المالية تزدهر هنا في المنطقة،" يقول أحمد وادي وهو مواطن مصري. وأطلق أخيرا تطبيقا تكنولوجيا باسم Moneyfellows يتيح الإقراض والاقتراض بين أطراف لا يعرف بعضها بعضا. ويضيف "نحن نساعد الناس على الوصول إلى الائتمان دون فائدة بدعم من سمعتهم الاجتماعية وليس درجة جدارتهم الائتمانية". ويستفيد نصر من سوق الإعلانات على الإنترنت المتنامية في مصر. وبعد حصوله على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة نيو برونزويك في كندا، عاد إلى مصر. وباستثمارات من الأصدقاء والأسرة، أطلق وكالة ابتكار في القاهرة باسم "ذا بلانت" تركز على الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبعد انطلاق الشركة، اشترك في تأسيس مسرّع باسم "جوس لاب" يوفر التمويل والرعاية والمساعدة للشركات الرقمية الأخرى المبتدئة. يرى أودونيل، مستثمر مقيم في القاهرة أن ثقافة ريادة المشاريع آخذة في الازدهار في العالم العربي. ومن بشائرها ظهور برامج الواقع التلفزيونية ذات الشعبية الكبيرة مثل برنامج "المشروع". وقد بدأ بثه في مصر في عام 2014 ويظهر فيه أصحاب المشاريع التكنولوجية الذين يعرضون أفكارا على المستثمرين. وبالنسبة للشباب، فإن ريادة المشاريع كمسار وظيفي "مجرد مسار آخر" كما يقول أودونيل. ويضيف "إنها مقبولة في المجتمع بأسره وفي الأسر". وأودونيل من مواطني إيرلندا، وصل في التسعينيات لدراسة اللغة العربية وظل مقيما في البلد للعمل في عديد من شركات الإعلام قبل إنشاء موقع سرمدي. وهو موقع شبكي للغة العربية ـــ وهو الأول من نوعه ـــ يقدم أدلة عن الأخبار والرياضة والترفيه والمدن. وقد باع شركته إلى شركة فودافون بمبلغ غير معلن في عام 2008 واستثمر منذ ذلك الحين في 15 شركة مصرية مبتدئة من "إنستبج"، وهي أداة لمطوري التطبيقات التكنولوجية، إلى موقع التعيين عبر الإنترنت باسم "وظف". ولكن بالنسبة للمستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق أرباح سريعة في الشرق الأوسط، فإن المخضرمين من الأطراف الفاعلة مثل أودونيل ينبهون إلى أنه: في ضوء العقبات أمام ممارسة الأعمال في المنطقة فإن الأفضل من "الحصان أحادي القرن"، نسبة للشركات المبتدئة برأسمال يتجاوز مليار دولار، هو "الجمل أحادي القرن". ويوضح أودونيل قائلا: "إننا نطلق عليها اسم "الجمل أحادي القرن" لأنها كالجمل بحاجة إلى تخزين كمية كبيرة من المياه ليكون بوسعه عبور الصحراء". ويضيف قائلا إن "الأعمال هنا قد يواتيها الحظ في مرحلة الاستثمار المبكرة، ولكننا لم نشهد كثيرا منها يتجاوز تلك المرحلة، وبالتالي عليها التأهب لقطع مشوار طويل".author: كامبل ماكديارميد
مشاركة :