وقفة مع.. (19- COVID) مالئ الدنيا وشاغل الناس

  • 3/12/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

كنت أتحدث قبل فترة طويلة مع ممرضة في إحدى المستشفيات الكبرى بالعاصمة، وامتدت الأحاديث حتى وصلت إلى فايروس كورونا (COVID-19)، فأمطرتني بسيل هائل من المعلومات عنه، عن أسبابه وعلاجه، وكيف ومتى ينتقل، وكيفية التعرف عليه والتعامل معه! وبين كل جملة وأخرى كانت تذكر اللقاءات والمؤتمرات والمنشورات والورش والبرامج التي تلقتها خلال فترة وجيزة تخص هذا الموضوع من قبل إدارة المستشفى! اندهشت كثيرا من الاستعدادات الكبيرة التي سبقت كل الضجيج الإعلامي، والاستنفار الدولي بكثير، وتأكد لدي أن هذه الإجراءات والوعي التام كفيلة - بإذن الله- أن تكون سبيلا للتصدي له والوقاية منه. ثم عايشنا جميعا الإيقاف المؤقت للطواف، وتعليق الدراسة، وتفعيل التقنية في التعليم، وكل الإجراءات الاحترازية الشديدة والسديدة، والقرارات الحاسمة التي قامت بها حكومتنا الرشيدة، وشهدنا وشاهدنا كيف تُتخذ القرارات حتى المؤلمة منها دون تردد، ودون تجزئة حين ينبغي أن تتخذ وفي الوقت المحدد. وحين نتساءل عن اتخاذ القرارات في عالم العلم والإدارة، بل والمجتمع والأسرة وكذلك على المستوى الشخصي، لنا في ذلك كله دروس ونماذج. فالقرار لن يصبح قرارا حتى يتم اتخاذه وتنفيذه، وما أكثر القرارات التي تكتب وتناقش ويوصى بها ثم لا تكون إلا حبرا على ورق، وحديثا بلا نتيجة! عشنا وعايشنا كيف تتخذ القرارات المؤلمة حبا وحسما وحرصا واهتماما ومسؤولية، وكيف تُدرّس علما وتطبق عملا، دون انتظار أحد، أو مراقبة حال أحد، أو تقليد إجراءات أحد. ورأينا كيف يكون شكل القرار وطبيعته حينما تكون أهمية الوطن وأهله أولا وقبل كل شيء. هذا التفرد والتميز لا يبعث إلا مزيدا من الثقة والاطمئنان والتفاؤل والفخر. وعندما ندرك أن هذا الوطن مختلف عن غيره، فهو أيضا يختلف بقيادته وحكومته وقراراته ومؤسساته ومقدساته ومقدراته. لم يكن هذا الوطن كغيره سابقا، ولن يكون كذلك أبدا بفضل الله وعونه. أعتقد أن كل القرارات القوية المطمئنة التي جاءت مع هذا البلاء، محفز قوي لجميع المؤسسات والإدارات وخبراء الأعمال والموارد البشرية لاكتساب خبرات متقدمة عن القرارات، تختلف عن كل النظريات التي تتكدس بين صفحات الكتب. فقرارات الوطن جاءت مزيجا من الإيمان الحقيقي، وخليطا من العلوم الإنسانية والإدارية والطبيعية، خالطته أحاسيس قوية بالحب والمسؤولية. ورأينا جنود الوطن في كل مكان على الحدود مرابطين وبالمطاف واقفين ومشرفين، وبالوزارات والإدارات والمكاتب مراقبين ومخططين ومنفذين. هل تتفقون معي أن أغلب المواطنين قد صاروا جنودا هنا؟ كما أن قرارات القيادة الرشيدة فيها دروس لإدارات الدنيا في علم إدارة الأزمة، وإدارة المخاطر وإدارة الأولويات، وكذلك إدارة «الناس»، ولعل الأخيرة مسؤولية كل فرد في هذا الوطن الأعز. ولنا أن نتساءل عن كمية الجهل الذي تتناقله الأجهزة والمواقع وأحاديث التطبيقات والمجالس، وكيف يمكن إيقافه؟ ولعلنا نتفق أن مسؤوليتنا جميعا أن نتخذ قرارا بنشر الوعي أينما ذهبنا، ونتخذ قرارا بتفعيل الحب العظيم، والانتماء الحقيقي والفخر الكبير بهذا الوطن الكريم، ونتخذ قرارا بترجمته علما وعملا ومسؤولية. حماك الله وطني الأعز بكل ما فيك ومن فيك.

مشاركة :