تلقت «الحياة» رداً من أسامي أمين، الموظف في الملحقية الثقافية السعودية في برلين، حول ما نشرته في عددها يوم الإثنين الماضي، بخصوص ضعف المشاركات الثقافية التي تقام في الخارج، وعدم تمثيلها للمنجز الأدبي والفكري في المملكة. هنا نص الرد: الشكوى ليست جديدة، والحديث باستخفاف عن مستوى المشاركة السعودية في معارض الكتب الدولية وفي الملتقيات الثقافية يطفو على السطح كل فترة، ثم يعود للغرق من جديد. والطريقة المعتادة لوأد هذه الانتقادات معروفة، وهي دعهم يتكلمون، ولنفعل ما نريد. لكن السؤال المهم الذي يجب أن يطرحه المثقفون على أنفسهم: ماذا فعلتم غير النقد والاستخفاف؟ من يقرأ المقالة المشار إليها، ونشرت في صحيفة «الحياة» (الإثنين) الماضي 28 من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري ولم تتح له رؤية المشاركات السعودية في الخارج، سيصدق أنها تقتصر على «الصور والأعلام والتمر والقهوة» كما ورد في عنوان التقرير، سيعتقد أن من يشاركون هم دوماً الأشخاص الخطأ، وكأن الجهة المشرفة هي عدوة للثقافة، فتكيد لها وتختار من يسيء إليها. أما حديث الشاعر أحمد قران الزهراني فإنه يكشف أنه لم يرَ معارض الكتاب الدولية، ومشاركة المملكة فيها، حين يقول: «ولو أخذنا معارض الكتاب الدولية التي تشارك فيها المملكة، لوجدنا أجنحة المملكة عبارة عن صور لبعض المعالم التنموية، وبعض الأعلام وصور الحرمين الشريفين»، والطريف أنه عمم الحديث وكأنه شاهد المعارض كلها، ولكني أؤكد له أن ذلك لا علاقة له بواقع المشاركة. حسناً، نقولها بوضوح إن المشاركة السعودية يمكن أن تكون أفضل، وأكرر ما كتبه سعد البازعي من أن «المسألة تتجاوز قدرة وزارة أو جهة واحدة»، ولكن هل تتعلق القضية بوزارة التعليم العالي أو بوزارة الثقافة والإعلام، أم بإنشاء هيئة للكتاب ومجلس أعلى للثقافة؟ التقرير يمتلئ بكلام إنشائي كثير وبانتقادات لاذعة، ولكن القارئ لا بد أن يسأل نفسه: ماذا يريد هؤلاء المثقفون؟ هل هناك أسماء محددة يرون أحقيتها في المشاركة دون غيرها؟ وهل هناك إجماع على هذه الأسماء؟ وهل كل من شارك حتى الآن كانوا فاشلين وغير معبرين عن ثقافة المملكة وأدبها؟ هل لا بد من الانضمام إلى عضوية لجان اختيار المثقفين للمشاركة السعودية في معارض الكتاب الدولية، حتى يكشف المثقف عن أفكاره؟ ألا ينبغي على المثقف الحريص على مصلحة بلاده وطريقها تمثيلها أن يقول ما عنده، وأن يسهم بأفكاره في مساعدة القائمين على هذه المشاركة لتطويرها؟ ما المانع أن يكتب أسماء المثقفين الذين يجب ألا يغيبوا عن هذه المشاركة، وشرح مبررات ترشيحهم والتعريف بأعمالهم والاتجاهات الأدبية التي يتبنوها، وإسهاماتهم في تطوير الفنون الأدبية المختلفة؟ ثم هناك سؤال آخر: هل كل أديب بارع في الكتابة يمتلك القدرة على مواجهة الجمهور الغربي؟ هل سيأتي من أجل التعريف بأعماله وبالحركة الثقافية والأدبية في المملكة، أم سيأتي مشترطاً السفر بالدرجة الأولى في الطائرة والسكن في فندق «خمس نجوم»، وسيارة لتنقلاته ومرافق للذهاب إلى السوق للشراء، ولن يراه الجناح إلا وقت المحاضرة القيّمة ليسافر بعدها فوراً، لارتباطه بمواعيد مهمة في المملكة، لأنه شخصية مهمة جداً؟ مشاركة يوسف المحيميد في معرض فرانكفورت هذا العام لم تقتصر على شرب القهوة وتناول التمر، وعندما زار حاكم الشارقة الجناح السعودي هناك، لم يجد صوراً وأعلاماً وفرقا شعبية، بل وجد كتباً قيمة ليست من إنتاج الجامعات السعودية فقط، بل كانت هناك أيضاً إصدارات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ومكتبة الملك فهد الوطنية، وغيرهما الكثير من الجهات التي تقدم الكثير من الإبداعات السعودية. النقد لازم، والرغبة في التطوير واجبة، والاعتزاز بالثقافة والعمل على الرقي بتمثيلها في الخارج مهمة كل مثقف، لكن حبذا لو تخلصنا من خصلة العداء لكل من لا يتفق معي آرائي ولا يدعوني إلى تمثيل بلادي، وحبذا لو آمنت وزارة الثقافة والإعلام أن واجبها خدمة بلادها، سواء أكانت هي المسؤولة عن النشاط أم إحدى الجهات المشاركة. فوزارة التعليم العالي لا تمثل دولة غير المملكة، ونجاح المشاركة لا يعود على هذه الوزارة أو تلك بالفائدة، بل على الدولة كلها. أليس كذلك؟ الملحقية الثقافية السعودية - برلين
مشاركة :