يسرني أن أتحدث في هذا المقال عن الحلقة التطبيقية المواضيعية الإقليمية المشتركة بين "الصندوق" والبنك الدوليين حول مبادرة مجموعة العشرين المعنية بثغرات البيانات في مجال إحصائيات مالية الحكومة وإحصائيات دين القطاع العام – بالاختصار الإنجليزي GFS وPSDS. ونيابة عن صندوق النقد الدولي، أعرب عن امتناني للسلطات السعودية على استضافة هذه الفعالية المهمة. إن هذه الحلقة التطبيقية هي الثانية –والأخيرة– حول هذا الموضوع أثناء المرحلة الثانية من المبادرة المعنية بثغرات البيانات. وكما تعلمون، أن الهدف هو أن تفي كل دول مجموعة العشرين بالتزاماتها مع نهاية المرحلة الثانية في يونيو 2021. ويسرني أيضا رؤية دولتين اثنتين مشاركتين من المنطقة من غير الأعضاء في مجموعة العشرين – وهما مصر والإمارات. وسيركز جانب كبير من المناقشة في اليومين المقبلين على جهودكم لتطوير إحصائيات المالية العامة التي تشمل كلا من العمليات ومعلومات الميزانية العمومية. وتتيح بيانات عمليات الحكومة معلومات مهمة عن السياسات الحكومية، بينما يؤدي تحليل الميزانية العمومية إلى إثراء الحوار بشأن السياسات عن طريق التركيز على الثروة العامة بكل أشكالها. والأصول العامة مورد عالي القيمة، وتعلق أهمية كبيرة على كيفية استخدام الحكومات لها وإعدادها للتقارير عنها. ولكن هذه الأهمية لا ترجع لأسباب مالية فقط، بل تتعلق بتحسين تقديم الخدمات والحيلولة دون إساءة استخدام الموارد الذي يمكن أن يسببه الافتقار إلى الشفافية. وعلى مدار اليومين المقبلين، سنتعرف على ما حققته دولكم من تقدم وإنجازات حتى الآن. ونأمل أن نساعدكم أيضا على رسم الطريق القادم حتى نهاية هذه المبادرة في 2021 – في الإطار الملائم لسياقاتكم الوطنية. ونحن على ثقة بأن اليومين المقبلين سيتضمنان مناقشات مثمرة للغاية، تعقبها إجراءات ملموسة تقومون بها أنتم وزملاؤكم في دولكم. ويمكن بعد ذلك تسليط الضوء على هذه الإجراءات في المؤتمر العالمي المقرر عقده في شهر يونيو المقبل. وسننظر أيضا في السبل الممكنة للمساعدة على تطوير القدرات في مجال إعداد إحصائيات مالية الحكومة وإحصائيات دين القطاع العام. وسيؤدي هذا بدوره إلى مساعدة دولكم على إعداد ونشر هذه البيانات بصورة تجمع بين الجودة العالية ومعدل التواتر المرتفع – وأعني بمعدل التواتر المرتفع أن تكون البيانات ربع سنوية. وبهذا، تكونون قد استوفيتم المعايير الدولية، أي دليل إحصائيات مالية الحكومة لعام 2014، وإحصائيات دين القطاع العام – مرشد لمعديها ومستخدميها لعام 2011. وإطار إحصائيات مالية الحكومة، الذي ترتكز عليه مبادرة البنك الدولي لإحصائيات دين القطاع العام، يتيح الأدوات اللازمة لتحليل صلابة الماليات العامة. وتسمح هذه الأدوات للحكومات بفحص جانبي الميزانية العمومية لتحديد الاختلالات أو جوانب عدم الاتساق، وتستخدم اختبارات تحمل الضغوط على المالية العامة لقياس مدى قوة الماليات العامة. وعن طريق تحديد المخاطر في الميزانية العمومية، يمكن للحكومات أن تتخذ إجراءات لإدارة المخاطر أو الحد منها في وقت مبكر، بدلا من التعامل مع عواقبها بعد ظهور المشكلات. وهكذا، تتيح الميزانيات العمومية أشمل صورة للثروة العامة. وهي تهدف إلى تضمين كل الأصول والخصوم المتراكمة التي تسيطر عليها الحكومة – بما في ذلك الموارد الطبيعية والتزامات معاشات التقاعد. وبذلك فهي ترصد كل ما تملكه الدولة وما تدين به، وتتيح صورة أوسع للمالية العامة لا تقتصر على الدين والعجز فقط. لكن معظم الحكومات لا توفر الشفافية المطلوبة لتكوين صورة كاملة ودقيقة، وبالتالي تتجنب ما ينتج عن ذلك من تدقيق إضافي. غير أن الحكومات لا تبدأ في إدارة الأصول العامة بكفاءة أكبر إلا بعد أن تبدأ في فهم حجم هذه الأصول وطبيعتها... يتبع.
مشاركة :