«كان من دواعي سروره إحراق الأشياء. كان من السار جدا رؤية الأشياء تتحلل، رؤية الأشياء تسودّ وتتغير». بهذه العبارة التدميرية القاسية تبدأ رواية «فهرنهايت 451»، التي جرت مناقشتها في صالون الملتقى الأدبي (أون لاين) وهي من تأليف راي برادبوري. بطل الرواية «غاي مونتاغ» إطفائي إلا أنه يعمل في إحراق الكتب بدل أن يعمل في مكافحة الحرائق، كما هي مهمة كل إطفائي. إنه يعمل مع آخرين في مركز يرأسه بيتي ويحرقون كنوز التراث، دون تفكير بأنهم يقومون بتدمير الذاكرة الإنسانية، فلا وجود للحضارة بدون كتب تتوارثها الأجيال. تقول أسماء صديق المطوع، مؤسسة الملتقى: الكتاب من الخيال العلمي، وأنا بدأت أحب هذا النوع من الكتب، كما أنه أنتج فيلماً سينمائياً، ويوجد اختلاف بين الرواية والفيلم، شعرت أن الكاتب استوحى فكرة حرق الكتب من فكرة حرق مكتبة الإسكندرية. وهو يشير إلى ما حدث بعد الحرب العالمية الأولى والثانية من صراع بين الدول الكبرى وفترة دخول الصناعات، ومنها التلفزيون وكيف صار عند الكاتب استشراف للمستقبل، وكيف أصبح الإنسان أسيراً لـ«الميديا»، وصارت حياة الإنسان مسيرة بين الشاشات، مشيرة إلى أننا اليوم نعيش بنفس الوضع ضمن الظروف الحالية التي يمر بها العالم، الجميع يتجه إلى الإعلام وسماع الخبر من مصادر عديدة حيث أصبحنا مسيرين بأفكار ما تصلنا. وقد شعرت وأنا أقرأ الكتاب كأننا في نفس زمن الكاتب حين كتب عن عالم افتراضي لكنه موجود، والإنسان فيه مجرد من الأحاسيس الإنسانية. وانتقل النقاش عبر الأثير إلى مصر مع مداخلة نهى صليب، التي أكدت أن اختيار قراءة الرواية جاء متوافقاً مع عصر التكنولوجيا الذي نمر فيه. وتدور أحداث الرواية حول شخصية رجل الإطفاء وعمله بإشعال الحرائق لطمس الحقيقة والحضارة بدلاً من إطفائها وإنقاذ البشرية والإنسانية من خلال سطور تبعث على الاكتئاب والخوف، لأن حرق الكتب والمعرفة وسيلة لقمع العقول، وكل صفحة بالرواية رسالة تحذيرية لجيل المستقبل، فالتطور التكنولوجي مفيد ولكن أيضاً قد يستخدم للسيطرة على الأفراد وتفتيت الأفكار واستخدام «الميديا» والتواصل الاجتماعي لبث السموم ونشر الفوضى. ومن أبوظبي جاءت مناقشة المهندسة هنادي الصلح قائلة: الرواية تظهر الخوف من الأدب والفكر، كما تعكس الاتكال الكلي على التكنولوجيا والبدء بالتأثير على عقول الناس، وحرق الكتب يعبر عن إتلاف الإرث الإنساني.
مشاركة :