الدكتور ربيع حسين يكتب: الطيب والخامل والشرير

  • 4/6/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم الدكتور ربيع حسين القراء الأعزاء، كثيرًا ما نقابل في طريق الحياة أشخاصًا نصفهم بأنهم أشرار، وآخرين نصفهم بأنهم طيبين، فهل توجد حدود فاصلة بين الصنفين، أو هل يمكن أن نضع مفاهيم تقربنا من فهم صفات هذين الصنفين؟، ولبيان صفات هذين الصنفين من الأشخاص المحيطين بنا سوف أفند صفاتهما، وكذلك سوف أبين أن هناك صنف آخر يقع بينهما، وسوف أوضح الفروق بينهم جميعًا. الصنف الأول، الشرير: هؤلاء الأشخاص هم الذين يعملون على إلحاق الأذى والضرر بنا مع سبق الإصرار والترصد، أي أن لديهم النية المبيتة لذلك، وينتظرون فقط الفرصة السانحة لطعننا من الخلف أو من الأمام. هؤلاء مرضى بأمراض القلوب مثل: الحسد، الحقد، الغل وغيرها من الصفات التي تدفع إلى التربص والترصد الناتجة، وتدعو إلى سلوكيات تدل على عقل متعفن وقلب جاحد، وتظهر أعراض تلك الأمراض في سلوكياتهم في صور عديدة مثل: النفاق، مقاومة الأفكار الإيجابية، نشر الأفكار السلبية، بث روح الإحباط، التسخيف من النجاحات، الغيبة، النميمة، الهمز، اللمز وغيرها من صفات مرضى القلوب. وقد بيّن الله بعض صفاتهم حيث قال تعالى “الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) سورة التوبة، هؤلاء الذين يقول فيهم المثل العاميّ “لا منهم ولا كفاية شرهم” أي أننا لا نستفيد منهم، بل غالبًا يصيبنا شرهم. الصنف الثاني، الخامل: هؤلاء الأشخاص هم الذين لا يحسنون صنع قراراتهم ولا الأخذ بذمام حياتهم، بل يعيشون حياة المفعول به، أو يعيشون حياة الضحية والتحسر على ما فات، أو يعيشون حياة التكيف على مضض مع الظروف الصعبة “رغم قدرتهم على تغييرها إلى الأفضل” تحت بند الرضا بالحال، وليس في الإمكان أفضل مما كان، هؤلاء هم الذين يصفهم البعض بأنهم طيبين أو (على نياتهم). وأرى هنا أننا نعطيهم أكثر مما يستحقون هؤلاء “من جهة” يتميزون بسلامة القلب وحسن النية، ولكنهم “من جهة أخرى” يتصفون بسوء التصرف والبلاهة وقد يضرون الآخرين من حيث أرادوا أن ينفعوهم، هؤلاء ليسوا بأشرار، وحتى إذا أخطأوا في حقنا فإن ذلك يكون عن غير قصد وعن حسن نية، ولكنهم كذلك ليسوا من الداعمين لنا، فليس لديهم ما يدعمون به الآخرين، هؤلاء هم التابعون الذين يتبعون كل داعٍ ولا يحسنون التفريق بين الصواب والخطأ، بل هم أتباع للآخرين “زي ما غيرنا بيعمل .. نعمل وخلاص”، كما قال الله تعالى (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (74) سورة الشعراء، هؤلاء مثل الغاز الخامل الذي يملأ المصباح الكهربي، لا يشتعل ولا يساعد على الاشتعال “أي أنهم لا يقدمون ولا يؤخرون”. الصنف الثالث، الطيب: هؤلاء الأشخاص هم الوسط بين الفريقين، هؤلاء يتميزون بسلامة القلب وكذلك يتميزون بحسن التصرف وتدبير الأمور، هؤلاء هم الفاعلون، هؤلاء مثل أنبياء الله ورسله الكرام، فهم جميعًا أطيب الخلق، يتميزون بسلامة القلوب وحسن الأخلاق، وهم بالإضافة إلى ذلك قادة يحسنون قيادة الآخرين وحسن إدارة المواقف، يحسنون الموازنة بين الهجوم والدفاع، يحسنون الحوار والتفاوض والإقناع بالحجة وعقد المعاهدات، يحسنون الحكم وإدارة شئون الملك (فقد كان نبي الله داوود عليه السلام ملكا وكذلك كان نبي الله سليمان عليه السلام) ولنا فيهم جميعا الأسوة الحسنة؛ حيث قال الله تعالى (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) (90) سورة الأنعام. وكذلك كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثل: أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، مصعب بن عمير، أسيد بن حضير، سعد بن أبي وقاص، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين. عزيزي القاريء، حذار أن تكون من الأشرار، وإياك أن تعيش من الخاملين، واحرص أن تكون من الطيبين، حياكم الله. بقلم الدكتور ربيع حسين مستشار سيكولوجي إكلينيكي مستشار العلاقات الأسرية

مشاركة :