مازال العالم يعيش جائحة كورونا بكل ما خلفته من الضحايا وما ألحقته من الأضرار بأغلب اقتصادات العالم وكذلك ما فرضته من التغيرات في السلوكيات الحياتية ومع التساؤلات الكثيرة حول كيفية الظهور والمسؤول عنه وعن إيجاد الدواء المناسب.مما لاشك أن ما أثبتته جائحة كورونا بغض النظر عن طريقة الظهور، أنها أثبتت فشل الأنظمة الصحية التي بناها النظام العالمي الرأسمالي وتوابعه الدول القوموية والسلاموية طالما كان هدفها الربح والمال والسلطة، دون إعتبار للبنية البيئية والحياتية ومكوناتها المحققة لصحة الإنسان والمجتمعات.أغلب الأنظمة الدولية في المنطقة والعالم حاولت تمويه فشلها وكذلك إستغلال هذه الجائحة بعدة أبعاد كما عادتها في أي حدث لكن ربما لم يوفق أغلبها إن لم يكن كلها .في تركيا وعندما تم انتشار المرض في الصين وإيران جارة تركيا، خرج أردوغان وأعلن أنه ليس هناك مرض في تركيا ولم يتخذ أي إجراء وذلك لتلميع صورة سلطته وبقائه في الحكم ظنًا منه أن الأمور هكذا وظلت الطائرات والرحلات بين الصين و تركيا وأوربا مستمرة طيلة شهرين، ولكن بعد ذلك وبعد أخذ أغلب الدول الكثير من الاحتياطات وبعد إزدياد الأرقام في العالم وجدت السلطة التركية نفسها مضطرة إلى التراجع وبدأت بالإعتراف في 11مارس بوجود الفيروس وعندها بدأت توزع الاتهامات يسارًا ويمنيًا لتغطي على سياستها واتهمت أوربا ومن ثم السعودية بأنهما السبب في وصول المرض دون ذكر جارتها إيران وعدم إتخاذها أي إجراء وأرادت استغلال الجائحة فقامت على الفور بعزل وسجن 5 رؤساء بلديات في شمال كردستان(جنوب شرق تركيا) لحزب الشعوب الديمقراطي كان لهم إجراءات لمحاربة الفيروس وتعيين وكلاء من حزب العدالة والتنمية. وقامت بتمرير قانون مايسمى (العفو) في البرلمان التركي حتى يتم العفو عن المجرمين والمافيات المرتبطة بالحزبين الحاكمين( حزب العدالة والتنمية الإخواني والحركة القومية التركية الفاشية) دون الإفراج عن سجناء الرأي، الصحفيين، القضاة، السياسيين والبرلمانيين الكرد الذين يتجاوز عددهم 300 ألف. باللإضافة إلى عدم إتخاذ أي إجراء لمساعدة السجناء من الوقاية من الفيروس وحتى أنها منعت الزيارات وإستعمال التليفون كما يحصل مع المفكر والمناضل عبدالله أوجلان والعديد من السجناء السياسيين الأخرين.ربما يسأل البعض لماذا لم تقم السلطة التركية كباقي دول العالم بإقامة الحظر وأخذ الإجراءات اللازمة ؟. لقد تعرض الاقتصاد التركي والعملة التركية لأزمة حادة في عام 2018 كنتيجة لسلوكها ولسياستها التي تعتمد العداء والحرب تجاه الشعب الكردي وشعوب المنطقة وتفضليها الإستمرار في الحرب المستمرة منذ اكثر من 40 عاما على التفاوض والحوار مع الشعب الكردي الذي يطالب بحقوقه الطبيعية كأي شعب في الحرية والديمقراطية في تركيا ، حتى أن أردوغان وأثناء الإنتخابات وبخ مؤيديه وقال( عليكم معرفة ثمن الطلقة وليس السؤال عن ثمن الطماطم والبطاط). وكنتيجة لهذه الحالة وللعديد من الميزانيات السرية المرافقة للحروب ولتحضير المرتزقة والممارسات لم تستطع السلطة التركية سوى تخصيص حوالي 15 مليون دولار لمواجهة جائحة كورونا حتى أن البعض من الاحزاب التركية قام بجمع التبرعات وتدخل أردوغان ومنع ذلك وسيطر على الأموال المجمعة لغرض مساعدة المحتاجين.لو أرادت السلطة التركية فرض حظر التجوال الشامل أو النصفي كباقي دول المنطقة عليها مساعدة المحتاجين وذوي الدخل المحدود وخصوصا أن نسبة البطالة قبل الجائحة تجاوزت وحسب الارقام الرسمية 13% وغير الرسمية 30% وحاليا يقدر نتيجة إغلاق الأماكن الخدمية والعامة والسياحة ووقف بعض المعامل مايقدر بحوالي 10 ملايين شخص . وهذا لا تريده السلطة وإن لم تفعل ذلك فإن المرض سينتشر كما الأن ووصلت تركيا إلى المرتبة الثالثة في العالم في تسلسل دول إنتشار المرض حسب الأرقام الرسمية المشككة فيها أصلًا من قبل أغلب المتابعين للشأن التركي، وما حصل من مسرحية الإستقالة التي كانت أبطالها وزير الداخلية سليمان صويلو وأردوغان ودولت بخجلي إلا للتغطية على فشل إجراءاتهم ولإنقاذ سلطتهم نتيجة تبيان بعض من حقيقتهم أمام المجتمع في تركيا.على الرغم من مطالبة الأمم المتحدة وأمينها العام بضرورة وقف الحرب في كافة المناطق والتفرغ لمواجهة جائحة كورونا إلا أن السلطة التركية مازالت تقصف بالطائرات الحربية والمسيرة والمدافع القرى والجبال الكردية، وبل زادت من قصفها كما يحصل في قرى الشهباء وشيراوا( مناطق في الريف الشمالي من حلب قريبة من عفرين وأعزاز ) الذي يسكنها أهالي عفرين المهجرين قسريًا نتيجة إحتلال تركيا لعفرين.ومازال قصف الجيش التركي مستمرًا على قرى جبال "متينا" و"خاكورك" القريبة من الحدود التركية والعراقية بالإضافة الى قصفها بالطائرات والمدافع للمناطق والقرى في مناطق أمد(ديابكر) و ماردين وإيله( باطمان) وسرحد.وكذلك ما يجب أن يلفت الإنتباه والحذر أن حركة السلطة التركية وكذلك حركة داعش وخلاياه التي بدأت تنشط في سوريا والعراق والعديد من الدول لم يتوقفا في زمن الكورونا وهي تتناسق وتتناغم لأن الكوندكتر واحد ومازال غزل وعشق أردوغان للنصرة والدفاع عنها وتمثيلها أمام روسيا مستمرًا في إدلب بعلم جيفري الذي زار إدلب وربما إلتقى بالنصرة لتركيب أوضاع قادمة في سوريا والمنطقة.لقد أرسلت السلطات التركية خلال هذه الجائحة حوالي 2000 مرتزق من فصائل أردوغان (السلطان مراد ، سليمان شاه، لواء المعتصم، فيلق المجد ،....) من مايسمى "الجيش الوطني السوري" الذي شكلته المخابرات التركية من بقايا داعش والقاعدة إلى ليبيا لسرقة الثروات الليبية ولمساعدة وتمكين أدواته من الاخوان في شمال افريقيا ولحصار الدول العربية وخصوصًا إذا علمنا أن هناك أنباء عن تحضير تركيا لمرتزقة لإرسالهم لمساعدة الإخوان في اليمن بالتعاون مع إيران ويجدر الإشارة هنا أن هذه التحركات وأمام أنظار العالم إنما يعكس رضا وربما ربط بالوضع في سوريا وإدلب والتخلص من الجهاديين الأجانب في إدلب وتوافق بعض الأطراف الدولية.ومنه نجد أن سلطة (العدالة والتنمية الإخوانية والحركة القومية التركية الفاشية) وجدت جائحة كورونا وفي وقت إنشغال العالم فرصة لإستمرار وتعزيز عدائهم ومشاريعهم التمددية وتدخلهم في المنطقة للهروب من أزماتهم ومشاكلهم فالحكومة الحالية في تركيا هي سلطة و حكومة حرب ووجودهم وحفاظهم على السلطة حسب قناعتهم يقتضي الإستمرار في الحرب دون أي إعتبار للأوبئة والأمراض و لشعوب المنطقة وحتى للشعب التركي ولكن كما سيجد المجتمات والشعوب والدول دواء لفيروس كورونا نحن شعوب المنطقة وقواها المجتمعية يجب أن نجد دواء لفيروس أردوغان ودواعشه.
مشاركة :