رمضان فرصة لتغيير العادات في ظل كورونا

  • 4/24/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة - هبة البيه : أكّد الدكتورُ إبراهيم الأنصاري، عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلاميّة بجامعة قطر أنّ شهر رمضان المقبل سيكون فرصةً للمواطنين والمقيمين للتوقّف عن المظاهر والشكليات والتركيز على المعاني الإيمانية الكامنة في العبادات، في ظلّ الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمنع انتشار فيروس كورونا. وأشار الدكتور الأنصاري في حوار خاص ل  الراية  إلى أن شهر رمضان العام الحالي سيشهد تغييرًا في الكثير من العادات الرمضانية، فعلى سبيل المثال سيقوم الفرد بأداء صلاة التراويح في المنزل مع أبنائه، وهذه فرصة للفرد لأن يقيم عباداته بمزيد من التفكّر، كما أن صلة الأرحام ستكون عبر المنصات الإلكترونية. وأوضح: أن كلية الشريعة قامت خلال الفترة الماضية بالإجابة عن الاستفسارات والأحكام الشرعية المختلفة والإجابة عن الأسئلة التي تشغل العالم، حيث أصدرت الكلية بعض الفتاوى والأحكام الشرعية مثل تعليق صلاة الجُمُعة والجماعة، وكيفية التعامل مع المتوفى بمرض كورونا. وأضاف: إن المتوفى بوباء كورونا يسقط عنه الغسل والتيمّم إن لم يتمكّن أهل المتوفى من إجراء هذا الأمر، ويتمّ الاكتفاء بالإجراءات التي تقوم بها المُستشفيات، كما تناولت الفتوى أمر التكفين وهو عبارة عن الكيس الذي يتمّ استخدامُه في المستشفيات للمتوفى بكورونا والذي يمنع العدوى على أن يتمّ التكفين فوق هذا الكيس، وإلى نصّ الحوار: • كيف ترى شهر رمضان في ظلّ هذه الأزمة المتعلقة بفيروس كورونا، خاصةً أن هناك صعوبة تواجه الأفراد في التخلّي عن الأجواء الرمضانية؟ - إذا تأملنا كيف سيكون رمضان في هذه الأزمة، فهو أشبه بالوقت المستقطع من الضجيج والتهافت الذي يعيشه العالم، فهو فرصة للتقليل من هذا الصخب، فشهرُ رمضان في هذا الوقت فرصة للتأمل والتفكر والتوقف عن المظاهر والشكليات والتحرّك الآلي للتركيز على المعاني الإيمانية الكامنة في العبادات. فالصوم في الشهر الفضيل للناس الأصحاء، أما المصاب بالفيروس فحاله حال باقي المرضى، ليس عليه حرج في الإفطار، والخوف من مرض كورونا لا يبيح الإفطار خاصة أنه من المعروف أن الصيام يرفع مناعة الفرد ولا يفقدها. • ماذا تقول للمسلمين بشأن أداء صلاة التراويح في رمضان؟ - حافظنا على أداء الفروض في المنازل فكيف بصلاة التراويح، وهي فرصة للفرد أن يقيم عباداته بمزيد من التفكّر وأن يحصل على المزيد من الوقت ليتفرّغ لقراءة القرآن والتأمل، وأن يقيم صلاة التراويح مع أبنائه في المنزل، وأن يقرأ من المصحف أثناء الصلاة ويتأمل في آياته، وكل تلك الأمور ستعوّضنا عما نفتقده من العبادة الجماعية. • وماذا عن العادات الأسرية والتزاور وصلة الرحم في رمضان؟ - العادات الأسرية في رمضان والتزاور وصلة الأرحام صعبة في ظلّ الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي والإجراءات الاحترازية وسيتمّ الاستعاضة عنها بالتواصل عبر المنصات الإلكترونيّة، على أن يتم تخصيص وقت محدد للتواصل الاجتماعي عبر هذه المنصات، مع العمل على المشاركة في قراءة القرآن والتنافس في ختم القرآن، وأن يتم التواصل مع الدروس الدينية في تصحيح التلاوة عبر المنصات الإلكترونية وتبادل تلاوة الآيات. • وكيف يمكن الاعتكاف والقيام في المنزل؟ - على كل شخص أن يخصص في بيته مكانًا للقيام والاعتكاف، حيث إننا نريد أن نتذوّق العبادة بشكل فردي، والعلاقة مع الله بشكل فردي وهي ستكون متاحة أكثر، وأنه فرصة قد لا تتكرّر لنا أن نتذوّق رمضان بهذا الصفاء بهذه العلاقة بيننا وبين الله بما يؤثر في حياتنا مستقبلًا ونحن أكثر فهمًا للعبادة، وأكثر قربًا من الله، تعودناه بشكل عالٍ. • وماذا تقول للأسر عن تبادل الصحون والتهادي بالطعام في رمضان؟ - العادات الرمضانية المعتادة لا ننصح بها، فعلى الإنسان أن يركّز أكثر على العبادة، خاصة أن الناس اعتادت في رمضان أن تنشغل بالطعام أكثر من الصيام، وحاليًا نتمنّى أن ينشغل الناس بعادات رمضان أكثر من عادات الطعام، فتناقل الصحون والأوعية قد يؤدي لانتقال الأمراض والأوبئة، وعلينا أن نتخلّى عن هذه العادة في ظل هذه الظروف وأن نتفرّغ أكثر للتأمل والعبادة. كما أنها فرصة للتخلّي عن عادات الإسراف في الطعام والهدر الكبير، وفرصة لمراجعة هذا الأمر ويمكن استبدالها بالتصدّق بالمواد الغذائية الجافة غير المطبوخة. • ما دور الكلية في جائحة كورونا؟ - دور الكلية كمؤسسة تعليم شرعي في هذه الجائحة، بما تحويه من أساتذة في التخصصات الشرعية والجنسيات المختلفة هو الإجابة عن الاستفسارات والأحكام الشرعية المختلفة والإجابة عن الأسئلة التي تشغل العالم، حيث أصدرت الكلية بعض الفتاوى والأحكام الشرعية مثل تعليق صلاة الجُمُعة والجماعة، وكيفية التعامل مع المتوفّى بمرض كورونا. كما وجهت الكلية خطابًا لقادة الرأي والفكر أوضحت خلاله كيف يمكن للخطاب الشرعي أن يقترب من حياة الأفراد، وأوضحت خلاله بشكل مفصل الخطوات المنهجية التي يجب أن تتبعها الهيئاتُ الدينية في إصدار بياناتها وهي 7 أسس منهجية منها ألا يتكلم عن الواقعة إلا الشخص الذي لديه التصوّر الصحيح عنها، وبالحديث عن كورونا فالمختصون به هم الأطباء، كما ينبغي أن ينظر الفقيه لمقاصد الشريعة، وعدم التعامل فقط مع الحكم الشرعي بل يزوّد المتلقي بالنصائح الدينية والتربوية بما يخفف عن الأفراد الحكم الشرعي ومن ثمّ الامتثال له. وأوضحنا في خطابنا أهمية الاستجابة لما تقرره السلطات المجتمعية في القضايا المطروحة ولا داعيَ للخلاف الذي يؤدي للشقاق، وقد اعتمدنا في بياناتنا على تغليب الرأي بين 15 متخصصًا في الكلية ليكون ما يصدرونه أكثر مصداقية، خاصة أنه ينبغي أن يتحول تفكير الأمة للمؤسسية في الفتاوى الشرعية ونبتعد شيئًا فشيئًا عن التمسك بفتاوى الأفراد. كذلك قرّرنا كتابة هذه الفتاوى وكل ما دار حولها من انعكاسات فقهية واجتماعية ونفسية في بحث علمي، وتم تكليف الطلبة بجمع المعلومات حول هذا البحث ليبدأ العمل به مباشرة، وقد تم وضع هذه الفتاوى كواقع دراسة أمام الطلبة لكي يصبح الفقه- حينئذ- تطبيقيًا. • ما الفتوى في التعامل مع المتوفى بوباء كورونا التي أصدرها المتخصصون بالكلية؟ - صدرت فتوى تقول إن المتوفى بوباء كورونا يجب أن تتبع الإدارة الصحية التي تشرف على الحادثة الإجراءات اللازمة، حيث يسقط الغسل والتيمّم إن لم يتمكن أهل المتوفى من إجراء هذا الأمر، أو أن يتم الاكتفاء بالإجراءات التي تقوم بها المستشفيات، كما تناولت الفتوى أمر التكفين وهو عبارة عن الكيس الذي يتم استخدامه في المستشفيات للمتوفى بكورونا والذي يمنع العدوى على أن يتم التكفين فوق هذا الكيس. وفيما يخصّ الصلاة على المتوفى، فهي حقّ للميت وتؤدّى بالطريقة التي تشير إليها السلطات الصحية، ويجوز أن يصلوا عليه صلاة الغائب ويدفن كغيره، وفي هذه الفتوى تم تذكير أهل الميّت بالأجر العظيم لهم، وأن المتوفى بكورونا في حكم الشهيد، وأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله، وينبغي في أيّ فتوى التذكير بمعرفة الأجر العظيم. • كيف يمكن أن نكون إيجابيين في هذه الفترة؟ - ليس لنا سبيل إلا أن نكون إيجابيين خاصةً أننا نعيش في أمن وأمان، وننبذ الخوف، فلدينا رعاية صحية كبيرة متوفرة، وعلينا التفرغ لعبادتنا في بيوتنا وأن نبذل جهدًا لتذوّق طعم العبادة والعلاقة مع الله عز وجل، والتذوق للأجواء واستشعار الجوّ الإيمانيّ واستشعار المعاني الحقيقية للإيمان وتأثيرها في نفوسنا، وأن نتذوق حلاوة الإيمان مجردة من الأجواء المُحيطة والتعرّف على الله ومناجاته.

مشاركة :