من أسوأ ما يمكن أن يعتري الإدارة في أي قسم هو قناعة تلك الإدارة بأن أداءها رائع وأنها تسير في الاتجاه الصحيح وأن القرارات التي تتخذها هي قرارات صائبة واستراتيجية وتساهم في تحسين العمل في حين أن الحقيقة هي عكس ذلك تمامًا فالأداء متواضع إن لم يكن سيئًا والقرارات خاطئة إن لم تكن متضاربة وبيئة العمل تتدهور وهي من سيء إلى أسوأ. اكتشاف حقيقة هذا الوضع إما أن تحدث من خلال وجود مسؤولين ذوى كفاءة وشعور وإحساس بحجم الأمانة والمسؤولية التي كلفوا بها وبالتالي فهم يقومون بإستمرار بالتأكد من حقيقة الوضع القائم ويحرصون على متابعة كل صغيرة وكبيرة ولا يعتمدون على التقارير الورقية بل يعملون على الزيارات الميدانية للتأكد بأنفسهم من الوضع، وقد يكشف حقيقة الوضع وقوع خلل كبير في بعض المنشآت التابعة لتلك الإدارة يذهب نتيجته بعض الأرواح -لاسمح الله- ويساهم في كشف حقيقة الوضع السيء الموجود على أرض الواقع أو قيام جهات رقابية مختلفة بإعداد تقارير ميدانية حول حقيقة الوضع، ومؤخرًا أصبحنا نجد مقاطع الفيديو التي تنشر بين فترة وأخرى لتوثق بعض التصرفات الخاطئة أو بعض الأوضاع المتردية لبعض الدوائر الحكومية. مقطع فيديو الصراصير المنتشر في أحد المستشفيات تفاعلت معه وزارة الصحة فأغلقت المبنى ونقلت المرضى لمستشفى آخر، وأعفت المسؤولين المعنيين ووضعت معايير صارمة للنظافة في كافة منشآت الوزارة مع أنظمة رادعة لمنع تكرار هذا الحدث الذي وصفته -بالإهمال-، ليس هذا فقط بل إعترفت بأن هناك قصورا في مرافقها وأنها تهتم بتحسين الخدمات المقدمة للمرضى، كما قامت بالإعتذار الرسمي للإساءة التي مسّت المريض جراء هذا الإهمال. أن تقوم جهة حكومية بإغلاق مبنى وإعفاء مسؤولين والاعتراف بالاهمال والتقصير والاعتذار للجمهور هو في حدّ ذاته نقلة تؤكد بأننا نعيش في عصر مختلف، فالذي اعتدناه من قبل كثير من الجهات الحكومية أنّ عملها صحيح وأنها تسير في الاتجاه الصحيح وأن خدماتها مميزة وإذا ما بادر أحدهم بالانتقاد فإنّ كثيرا منها يرفض أي نقد ويعتبر ذلك تجاوزًا وسعيًا لهضم كثير من الجهود التي تبذل والخدمات التي تقدم. ما حدث لا يكفي فهناك الكثير والكثير يجب أن يتم ولكن الاعتراف بالخطأ والتقصير هو خطوة في الاتجاه الصحيح يجب أن تعقبها العديد من الخطوات التي تساهم في تحسين وتطوير الخدمات المقدمة. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :