قصة قصيرة / تقييم... | ثقافة

  • 6/25/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قضى نهاره مقيداً بذاك الخاطر! تجره فكرة، وتدفعه أخرى، وسؤال يومض في حيرته:«لماذا؟!»لو أتت بهيئتها الأخيرة، لكان ذلك أهون عليه، كان سيتألم، سيحتار حتما، لكن.. ربما لن يخلف حضورها كل هذه المرارة، لكنها تغشّت ليله بصورتها المحببة، حلّت فيه بهية، كنجمة، بوجهها الأليف، البعيد، الذي يذكره بليال آمنة، بطعم التفاح، أيام كانت تقشره باسمة ثم تلحق به، تصطاده، تمسد شعره و تهذب ياقة قميصه،تخرج من جيوبه الحلوى بدراية، و تقدم التفاح فيقضمه، و يعلق عطرها في مساماته. «لماذا؟» لماذا أتت، بعد انقطاع، بعد أن يأس كثيرا،ابتعد /‏ ابتعدت كثيرا، و تمرغ في حقل الأيام، و تخشبت أمانيه بلقياها، فركنها في الأركان المهملة ؟ بل لماذا أتت بهذه الصورة؟ و ما أقبلت بصورتها القريبة أيام كانت شديدة التذمر وكثيرة العتب والشكوى من آلام المفاصل وضيق النفس و... الوحدة؟ ولماذا قا... في المصعد مرآة، تملى فيها، وجرس السين في كلماتها يرن، تفرس في وجهه، المشذب، بحث في جيبيه، قد يعثر على حلوى قديمة تتحفظ منها، ابتسم ابتسامة فسيحة مقصودة، كانت أسنانه ناصعة تلمع، لمَ قالت ما قالته؟ حاول أن يلقط خيطا ما، بحث عن إشارة ما، في وجهه، في جيبه، لماذا قست عليه؟ سار إلى مكتبه، مستطيلا مع كل خطوة، حاول أن يمد عنقه الطويل كما كل يوم، كل مرة، ويهش من حوله كالذباب ثقيل الدم، لكن لحن صوتها كان يشده للأسفل.«ما انتظرت هذا منك» كان ينتظر شيئا أحلى، ما انتظره منها تحديدا، لكنه عاقر انتظارا ما، في كل ليلة كان يؤثث درجة في سلم أحلامه، يظن أنه يرتقيها، ينتظر الليلة المقبلة ليؤثث الأخرى، لكن زيارتها المفاجئة هذه! «لماذا؟» لا ينفك السؤال عنه، و لا يبرحه صوتها. حين هبط الليل، كان خائفا و متعبا، يباعد بين أجفانه خشية لقائها، قرر/‏ حاول أن يمد بساط اليقظة، ويطارد الأجوبة، طاف في المرايا، غسل يديه، زرر قميصه جيدا، استوثق من ظاهره.لكنه حينما خاتله النوم، أقبلت إليه مرة أخرى، بصورتها الجميلة... وأعادت عليه: «سوّد الله وجهك!»

مشاركة :