الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد .. لما كانت غاية المؤمن هى السلامة فى الدنيا والنجاة فى الآخرة ، كان الصحابة – رضى الله عنهم – يسألون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن أسباب الفلاح فى الدنيا والنجاة فى الآخرة ، وكان النبى – عليه الصلاة والسلام يدلهم على ذلك ويبين لهم الطريق ففى الحديث عن عقبة بن عامر – رضى الله عنه- قال : قلت يارسول الله ، ما النجاة؟، أي كيف أنجو وما هى أسباب النجاة والسلامة فى الدنيا والآخرة ، وكيف السبيل إليها ؟ فقال له – عليه الصلاة والسلام– (أمسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك). أمسك عليك لسانك " كف عن الكلام الذى لا فائدة منه ، وليس معناه أن يمتنع الإنسان عن الكلام نهائيا ، فكثير من الناس قد لا يفعل الكبائر لكنه لا يكف عن الغيبة والنميمة والوقوع فى أعراض الناس ، ولديهم جرأة فى الخوض فى الأعراض وهتك الأستار ، ويبين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن الإنسان لو ملك لسانه لسلم فى الدنيا ولفاز فى الآخرة ، ولو أطلق للسانه العنان وتكلم فى كل شئ بغير رقيب ولا حساب هلك (وهل يكب الناس فى النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)، أى بسبب ما تحصده ألسنتهم فى الدنيا من الخوض فى أعراض الناس وشهادة الزور وغيرها من الكلام فيما لا طاعة فيه لله تعالى فاكثر ما يدخل الناس النار هو اللسان. فالذى دمر البيوت وخربها ، وقطع الصلات بين الأقرباء والأصحاب هو اللسان ، فما أدخل الناس الجنة إلا اللسان ، وما أدخل الناس النار إلا اللسان ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:(من يضمن لى ما بين لحييه وما بينرجليه أضمن له الجنة). فالمؤمن يحفظ لسانه ولا يتكلم إلا بما فيه الخير ، فإذا علم أن فى الكلام خير تكلم وإلا صمت لينجو يقول عليه الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت). ولذلك كان الصديق أبا بكر – رضى الله عنه – يمسك بطرف لسانه ويقول : " هذا الذى أوردنى المهالك " وإذا كان الصديق وهو من هو يفعل هذا فما بالنا نحن ؟ ومن أعظم المهلكات فى هذا الزمان الخوض فى أعراض العلماء والاستهزاء بهم والسخرية منهم وتسلط السفهاء عليهم للنيل منهم والحط من شأنهم . ثم بين عليه الصلاة والسلام – أسباب النجاة فقال : " وليسعك بيتك " كف لسانك عن الخوض فى أعراض الناس واشتغل بأهل بيتك فأنظر إلى عيوبهم وقم بتعليمهم وارشادهم إلى ما فيه الخير لهم ، وانظر إلىعيوب نفسك ، وانشغل بحلك فأصلحه وقومه وصوبه. وليسعك بيتك فى آخر الزمان حين تكثر الفتن ويقل الخير فى الناس ، وذلك يكون فى آخر الزمان وليس الآن.
مشاركة :