استوقفتني قصة أصحاب السفينة التي خرقها الخضر عليه السلام في سورة الكهف، وفيما يلي عدد من الدروس القيادية والإدارية المستلهمة من هذه القصة وهي: استخدام الحكمة قبل القوة: علم الخضر عليه السلام بالملك الظالم الذي كان يستولي على السفن وينتزعها من أصحابها. ومع ذلك لم يقرر أن يحشد المساكين ويقاوم عسكرياً باستخدام القوة بل آثر استخدام الحكمة في تجنب المواجهة المباشرة ومنع الصراع عبر إحداث عيب في السفينة يجعل الملك وجنوده يزهدون فيها ويصرفون عنها النظر. وهذا من الأساليب التي يحتاج المرء لتعلمها حيث إن استخدام القوة والترهيب لا ينبغي أن يكون أول الخطوات بل أحد الخيارات المطروحة والتي لا يلجأ إليها إلا بعد استنفاد بقية الوسائل. تجنب السيناريو الأسوأ مكسب: كان السيناريو الأسوأ هو استيلاء الملك الظالم على سفينة المساكين. ورغم أن ثقب السفينة أحدث بها عيباً وتسبب بخسائر في هيكل السفينة والرحلة البحرية التي كانت سواء للصيد أو التجارة وغيرها فقد كانت هذه الخسائر بسيطة قياساً إلى السيناريو الأسوا وهو ضياع السفينة بالكامل. وعليه فقد تكون بعض الخسائر الوقتية مكسباً ومربحاً إذا ما أسهمت في تجنب أسوأ الاحتمالات. وهذا شبيه بالانسحاب التكتيكي الذي تطبقه الجيوش وتخسر به أراض ولكن تحافظ على قوة الجيش ومعداته تمهيداً لمعركة أخرى. ونفس الشيء ينطبق على الإدارات التي قد تخسر بسحب منتجات بها عيوب من الأسواق ولكنها تكسب ثقة وولاء العملاء على المدى الطويل. أهمية فهم الظروف المحيطة: اطلاع الخضر عليه السلام على طبيعة الملك الظالم وحبه لانتزاع السفن في الوجهة التي تتجه إليها السفينة ساعد في اتخاذ قرار ثقب السفينة، رغم أنه بإلهام من الله عز وجل. أضف إلى ذلك أن معرفة المسافة والزمن المطلوب للوصول إلى الميناء ساعد على اختيار التوقيت المناسب لثقب السفينة مما لم يتسبب في غرق الجميع. وهكذا القائد الذي ينبغي أن يكون مطلعاً ومحيطاً بما يدور حوله في المجتمع والسوق والمنافسين بل وحتى داخل المنظمة ليتم بناء القرار السليم وفي التوقيت المناسب. ضرورة التكاتف في الأزمات: واضح أن الحالة المادية كانت صعبة لأصحاب السفينة كونهم مساكين. ومع ذلك وعبر تعاونهم وتكاتفهم تملكوا السفينة وراحوا يبحرون بها لكسب رزقهم ولم يقفوا مكتوفي الأيدي. وما كان لذلك ليتيسر لو أن كل واحد منهم عمل بمفرده دون تعاون وتكاتف مع البقية. الخدمة المجتمعية واجب: لم يأخذ أصحاب السفينة رسوماً على الخضر وموسى عليها السلام، ولو كان ذلك من باب الإجلال والتقدير فإن ذلك ينم عن حس عال تجاه الخدمة المجتمعية رغم الحالة المادية الصعبة لأصحاب السفينة. فما بالك لو كان ذلك في حالات الشركات والأفراد المقتدرين. والرائع أن هذه الخدمة المجتمعية كان سبباً بقدرة الله في نجاة المساكين من فقدان سفينتهم.
مشاركة :