الحشد الشعبي الذي تريده وتحتاجه الأمّة كلّها هو في الحقيقة على الطريقة التي برز فيها بالكويت! نريده هكذا كويتيًّا، لا عراقيًّا.. نريده واقعيًّا لا تليفزيونيًّا! نريده احتشادًا للقلوب لا للأجساد.. للنفوس المتعطشة للألفة والحب لا للدم! للصحف التي لا تخفي المعاني والمآرب بين السطور لا لتلك التي تروّج لقطع كل الطرق والجسور. الحشد الشعبي الذي تحتاجه الأمّة لوأد كل فتنة، ورأب كل صدع هو حشد للشعب كله، لا لفئة دون أخرى.. حشد دائم لا مؤقت.. حشد صادق لا كاذب.. حشد للحفاظ على النسيج لا لاختراقه.. للحفاظ عليه لا اهترائه. الحشد الذي تريده الأمة لا يفرق ولا يستثنى، ولا يتخذ أسماء مستعارة من قبيل «الأهالي الشرفاء»!. إن اطلاق مصطلح «أهالي شرفاء» في بلد يعني أن الأهالي الباقين غير شرفاء! ومن ثم كيف يكون هناك «تحالف شعبي»، أو «تكتل شعبي» في بلد واحد من شعب واحد؟! مثل هؤلاء يتحالفون ضد من؟ يتكتلون ضد من؟! الحشد الشعبي الذي تحتاجه الأمة عند المحن الكبرى يكون احتشادًا للأفراد كلهم، وللمؤسسات كلها، والأحزاب كلها، والجماعات كلها، والكتل كلها، والصحف كلها، والقنوات كلها! الحشد الشعبي الحقيقي لا يدخل المدن والقرى فيقتل ويدمر ويحرق دون أن يحاسبه أحد! الحشد الشعبي الحقيقي يرمم ويبني ويضمد، بل ويضحي من أجل الوطن.. ولأنه وطن واحد لا وطنين، وشعب واحد لا شعبين، فقد آن الأوان -إن لم يكن قد فات- لكي تحتشد الأمة كلها ضد ما يُحاك لها! والحق عندي أن ما يُحاك لها يتّخذ أشكالاً متعددة ويضرب بلا هوادة بطرق متعددة.. فالمهم عند مَن يحيك أن يراق الدم، وأن تتفشى روح العداء ثم روح الانتقام تمهيدًا لإزهاق روح الأمة. الحق عندي أن مفهوم، بل قل شخصية «العدو» يُراد لها أن تكون ذاتية في كل دولة على حدة، بحيث يكون عدو الكويتي كويتيًّا، وعدو العراقي عراقيًّا، وعدو المصري مصريًّا، وعدو السوري سوريًّا.. وهكذا! وعندما يكون عدو العربي عربيًّا مثله، وعدو المسلم مسلمًا مثله، فقُل على الأمتين العربية والإسلامية السلام! المؤسف والمؤلم حدّ الهوان والإيلام أن شيئًا من ذلك يحدث، ويساهم فيه البعض بشكل عبثي مخبون.. المحزن حد الفجيعة أن هناك قنوات وبرامج تشجّع، وأغانيَ وأناشيد تروّج، وندوات ومحاضرات.. وأشرطة وكليبات وسيديهات.. ومهمّات وسفريات كلها «مصروف عليها».. وكلها «متعوب عليها».. كلها تردد النشيد الوطني، وتعزف السلام، وتختم بالقرآن.. والوطن والسلام والقرآن بريئون منها، ومن كل امتهان. sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :