على هامش روايات الإحراق الكاذبة التي يكتوي بنارها الإسلام والمسلمين نقول وعلى الله الاتكال: إن الكارثة في رد فعل بعض الشعوب العربية أو بعض الفئات في الشعوب العربية على حرق الطيار العربي الأردني المسلم بهذه الطريقة البشعة لم تكن في التبرير ولا الإسناد ولا التعليل، ولم تكن كذلك في التذكير بمواقف أكثر بشاعة تعرّض ويتعرض لها أطفال ونساء وشيوخ عرب ومسلمون.. الكارثة هي ظهور شريحة عربية إسلامية واسعة طبّعت علاقتها مع الحرق أو القتل حرقًا!. الكارثة هي هذا الخلط العجيب والمريب بين قِيَم النخوة والشهامة والبطولة، وقِيَم الغدر والخسّة والخنوع! الكارثة هي تذويب أو صهر الهوية العربية والإسلامية -حد الحرق- بكل ما تحمله كلمة هوية من معانٍ وقيم!. الكارثة هي السعي الحثيث والمتسارع كل يوم وليلة؛ لتصوير الإسلام وشيوخ وعلماء الإسلام كإرهاب وإرهابيين.. كدم ودمويين.. كحرق وحارقين!. الكارثة هي أن دعاة التحديث يرقصون مع كل جريمة ومع كل حريق، باعتباره ضرورة لازمة لتجديد الخطاب الديني، والفكر الإسلامي.. وكأنهما مرادفان لصيحات داعش والنصرة والحرة!. الكارثة في السعي لبناء جيل للاختناقات والانهيارات، حيث تتحكم الضلالات في كل شيء حتى الهواء، بل قل على الهواء!. أخشى أن يكون الحرق هو أسلوب تعامل الشعوب مع بعضها! بيننا الآن وفي الجهة الثانية على يمين الداعشيين.. داعشيون جدد، بيننا الآن وفي قنواتنا مَن يُنادون في سوريا بحرق هؤلاء السوريين! وفي العراق بحرق هؤلاء العراقيين! وفي مصر بحرق هؤلاء المصريين! احرقوهم بجاز أو بغاز.. وقس على ذلك من شعارات يسمعها الأطفال صباح مساء! أصبح الفعل «احرقوهم» سهل للغاية، يمضغه المذيعون والمذيعات، ويروّجون له في معظم القنوات، وكأن حرق قلوب الأمهات هو شعار المرحلة.. وكأن حرق البلاد هو غاية المرحلة! لقد حجب مثل هؤلاء الهواء النقي، فلم يعد قادرًا على منع الخنق والاختناق! فإذا ما انتصرت فئة على أخرى عادت الأولى مطالبة بحرق الثانية.. إنه حرق الأمة يتم أحيانًا على نار هادئة وأخرى على نار مستعرة! دقّق وتأمّل في مهمة الحرق الكبرى الموازية لجرائم داعش! إنها تبدأ بحرق كُتب وتاريخ وصور علماء الأمة، بحيث تفقد بوصلتها ومرجعيتها، تمهيدًا لما يُسمّونه تنقية كتب التراث والسنة، وصولًا إلى ما يسمّونه تنقيح بعض آيات القرآن وياهوان الهوان. sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :