«تصغير الكبراء».. وإنكار أصل الأمة | شريف قنديل

  • 5/5/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

تزدحم المحاكم المتخصصة في أكثر من دولة عربية، وبخاصة مصر، بالعديد من قضايا التطاول على أشرف الخلق، وعلى الصحابة والتابعين، وبالمجمل على عقيدة الأمة وتراثها العريق. والحاصل أن الظاهرة في مصر آخذة في الزيادة، تارة بدعوى ضرورة التنوير، وأخرى بدعوى تصحيح المفاهيم! وهناك من عاد لرفع شعار أن «مصر للمصريين»، وأن اللغة العربية تبخّر أو تزيل الهوية، أو الوطنية المصرية! في السابق، كان مثل هذا الحديث يمر خلسة في ندوة أو في كتاب أو داخل حزب، وكان الشعار المرفوع حينها أنه ليس هناك مقدس في الدين لأنه صنعة البشر! ورغم الضجة التي أثارها دعاة «مصر للمصريين»، على شاكلة سلامة موسى وأحمد لطفي السيد وغيرهما، فقد مضت هذه الموجة أو انقشعت عن عقل مصر، رغم محاولات الحواريين من دعاة التغريب على الملأ من شاكلة رفاعة الطهطاوي وقاسم أمين وطه حسين وغيرهم!. لاحظ هنا أنك أمام أسماء لشخصيات عملاقة أثرت الحياة الأدبية، وكان لها ما لها وعليها ما عليها، لكنك اليوم أمام صبية صغار، وصل بهم التبجح حد المطالبة ليس فقط بالتظاهر في مصر العروبة والإسلام ضد الحجاب، وإنما بمنع الأضحية في عيد الأضحى المبارك! قرأت لواحدة من هؤلاء الصغار وهي تفسر مطالبتها بمنع الأضحية بقولها: «إنها كانت تهزر..»، أما الداعية الدعي الذي تخصص في توبيخ البخاري، فقال: «إنه كان من قبيل التسخين»، فيما يصر صاحب مانشيتات الإساءة للصحابة على أنها صحافة! كنت أقرأ في تفسير الدكتور جلال أمين للظاهرة في كتابه القيِّم عن «التنوير الزائف»، وأعجبني كثيرًا وصفه لها بأنها «تصغير الكبراء»، وفي ذلك يقول: «إن المنخرطين في تلك الظاهرة يُحبّون أن تشخّص أعمالهم على أنها جزء من حركة التنوير.. إذ لا يعادي التنوير إلا رجعي متخلف جهول». لكن أشد ما أعجبني في وصف الظاهرة، هو مقولة العلامة الراحل شكيب أرسلان بأن «ادعاء الكاتب بأن أجداده وآباءه كانوا سافلين، لا يصدر إلا عن الفسل الخسيس الوضيع النفس، أو عن الذي يشعر بأنه في وسط قومه دنيء الأصل، ومن ثم يسعى إلى إنكار أصل الأمة بأسرها، لأنه يعلم نفسه فيها بمكانة خسيس، ليس له نصيب من تلك الأصالة»!. sherif.kandil@al-madina.com

مشاركة :