وأصل المقولة أعلاه "أيتها الحُريّة، كم من الجرائم تُرتكب باسمك". تلك التي قالتها "حسب المصادر" مدام مانون رولان (1754-1793) وهي تقف أمام المقصلة قبل إعدامها، قُمت بإعادة صياغة المقولة لتُناسب الحال في حكاية اليوم. أنا حُر..! إجابة جريئة وصادمة يصفعك بها حين تُنكر على ذلك الذي تجاوز كل الحدود والقوانين واخلاقيات المجتمع. صاحب هذه العقلية المرجوجة يصعب إقناعه أن الحُرية هي حق إتيان ما تسمح بهِ القوانين حسب "مونتسكيو" وربما أفضل وسيلة للتعاطي معه في تركه لضابط القوانين بعد الإبلاغ عنه كي يعيده لسرب المجتمع بشرا سويّا. اليوم وبتوفر مختلف وسائل التواصل والاتصال وإمكان استخدامها من قبل الصغير والكبير، العاقل والمُختل، العالِم والجاهل، المتُحضّر والمتخلّف تم نحر المدعوّة الحُريّة من الوريد للوريد كما يفعل وحوش داعش بالأبرياء الأحرار. ما على أحد السًفهاء غير نثر ما يتقيأ به من كلام ورد آنياً لعقله المريض في احدى تلك الوسائل لكي يتلقفها مريض عقل مثله فيعيد انتاجها ونشرها بعد أن يضيف عليها مخزونه الخاص من الحقد والكراهية وكثير من السذاجة والسماجة. تستنكر.. فيقولون لك هذه هي الحُرية التي حُرمنا منها وشكراً للفضاء المفتوح الذي أتاح لنا التعبير عمّا في دواخلنا.. لقد انتهى زمن الكبت وإغلاق الأفواه بخيوط من فولاذ! هذا هو مفهوم الحُرية لديهم. أن تشتم وتنتهك أعراض الناس وتستهزئ بهم وتفضح خصوصياتهم، وأن تُثير الأحقاد وتنشر المقاطع المصورة المقززة وتكتب تغريدات طائفية أو مُسيئة لفرد أو قبيلة أو تيار فكري هذا غير التلذذ في إعادة بث الخُطب التحريضية وترويج أفكار الأبالسة من المتطرفين والإرهابيين كمجرمي داعش والقاعدة والحشد الشعبي وبوكو حرام وطقتهم. هل هذه هي الحُرية التي تزعمون؟ حُرية إثارة الفتن وإحياء النعرات وتدمير مكارم الأخلاق واغتيال التسامح؟ بئست من حُرية هذه وبئس الداعي لها. قبل وضع النقطة في آخر سطر الحكاية أعود للفاتحة لأقول: بالفعل كم من السفاهات تُرتكب باسم الحُرية وهي منها براء. لمراسلة الكاتب: aalkeaid@alriyadh.net
مشاركة :