وصف المفكر الفلسطيني أسعد عبدالرحمن التطرف الديني بالظاهرة العالمية العابرة للأقطار وللديانات، مشيرا إلى إمكانية حدوثها في كل بلد وداخل كل دين، وحمل من يؤول الدين لخدمة السياسة مسئولية ما يقع من حوادث إرهابية، متسائلا عن سر اندفاع عناصر اجتماعية وثقافية لتأسيس جماعات هدفها فرض ما يعتقدونه منهجا إسلاميا على غيرهم من أفراد المجتمع من خلال الخروج على الحاكم بذرائع يظنها البعض دينية، وأبدى أسفه أن بعض المسلمين يغفل قاعدة (الدين المعاملة) ويقترح عبدالرحمن لمواجهة التطرف عدم إتاحة الفرص لبعض من يحاولون توظيف الدين لخدمة أهداف السياسة كون أي فكر سياسي ينمو ويتعثر ويخطئ ويصيب بخلاف الدين الذي هو منهج من رب العالمين، ونعت المؤدلجين بعدم الموضوعية كونهم يقيسون الصواب والخطأ من الآخرين وفق أفكار عقيدية مسبقة، مشيرا إلى سعي الشباب العربي الحثيث للبحث عن فضاء الحرية حتى بالمغامرة من خلال ركوب البحر، مذكرا أن أصل العلاقة في الأديان أنها علاقة خاصة بين الإنسان وربه أما الوطن فإنه مشترك عام للجميع، ودعا إلى تحديث مناهج التربية والتعليم، ومعالجة الصور السلبية ضد الآخر بغض النظر عن تبعيته الدينية أو المذهبية و تأصيل فكرة العيش المشترك والحوار اليومي، مؤكدا أن المؤسسات التعليمية، والتربوية عنصران أساسيان في معالجة التطرف والانحراف كون الأمن الاجتماعي يرتبط ارتباطا جوهريا بالتربية والتعليم وبقدر ما تنغرس القيم الأخلاقية النبيلة في نفوس أفراد المجتمع، بقدر ما يسود ذلك المجتمع الأمن والاستقرار إذ من خلال العملية التربوية يتشرب أفراد المجتمع القيم الإيجابية ومنها أن الدين هو المعاملة وغرس قيم الأخلاق والسلوكيات الحميدة في نفوسهم وتعزيز الانتماء الوطني ومشاعر وممارسات الوحدة الوطنية التي تخلق التماثل الاجتماعي الضروري للمحافظة على بقاء الأمن والاستقرار في المجتمع، لافتا إلى أهمية تنمية المواطنة من أجل خدمة الوطن، وأن من أبرز الحلول احترام جميع الأديان السماوية في منطقتنا وكافة الأديان، مشيرا إلى أن القرآن الكريم أخبرنا بأن الأنبياء الواردة قصصهم في القرآن الكريم، ليسوا هم كل الأنبياء الذين أرسلهم الله، وإنما هم بعض الأنبياء والرسل، وإنما أشار إليهم دون تحديد لأسمائهم أو أماكنهم أو زمانهم، ودعا إلى تمثل قول النبي عليه السلام (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، مبينا أن التطرف لم ولن يتوقف إلا بجهود مجتمعية تنشئ جيلا وطنيا يتم تأهيلهم للتصدي لأي فكر متشدد يحاول التغلغل في المجتمعات معولا على استئصال الغلو والتطرف من خلال الحوار مع العقول والتعليم المستمر وفتح باب الاجتهاد وصولا إلى الإصلاح الديني الشامل، ونشر وتعليم أفكار «العقلية التشاركية» مقابل «العقلية الإقصائية»، وتصويب المفاهيم الكبرى، التي تؤكد ثوابت الدين وتمنع استغلالها من جانب المتطرفين بطرق جاهلة.
مشاركة :