ليبيا تسير نحو رسم جديد لقواعد الصراع على قاعدة التقسيم | الجمعي قاسمي | صحيفة العرب

  • 6/8/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يُراكم الملف الليبي بمستجداته السياسية المُتلاحقة، وبتطوراته العسكرية المُتسارعة، الكثير من المفاجآت التي أضحت تتعدل وتتغير على أسس قواعد اشتباك جديدة فرضتها جملة من المُتغيرات التي تشي بتحولات استراتيجية، وسط تجاذبات واختبارات قوة لا تستثني مقاربة العودة إلى مُربع التقسيم كحل للأزمة. تونس - تؤشر التطورات التي بدأت بالانسحابات الغامضة للجيش الليبي من محاور القتال في محيط العاصمة طرابلس، ومن مدينتي ترهونة والعربان إلى سرت والجفرة، على بروز معادلات جديدة للصراع الليبي، ليست بعيدة عن أجندات المحور الإخواني التركي-القطري. وتُحاكي تلك الأجندات بإيقاعها ومفردات خطابها، الواقع السياسي الذي تباينت فيه القراءات لتفسير الحيثيات التي أحاطت بانسحابات الجيش الليبي، والتفرعات الناتجة عن انعكاسات ذلك على مُجمل المشهد العام في البلاد الذي لا يمر يوم عليه دون أن يشهد المزيد من التحولات النوعية التي بدأت في تهشيم العناصر الأساسية لتوازن القوى بين طرفي الصراع. ولم تُفلح قيادة الجيش الليبي في تبديد الغموض الذي أحاط بتلك الانسحابات التي جعلت ميليشيات حكومة فايز السراج ومرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقتربون كثيرا من خطوط الدفاع الأولى عن بنغازي، عبر تهديدهم المباشر لسرت وقاعدة الجفرة الجوية، بل ساهمت بشكل أو بآخر في ارتفاع وتيرة التقديرات التي تدفع نحو رسم خارطة جديدة لن تكون خارج سياق التقسيم. وكانت ميليشيات حكومة فايز السراج، قد تمكنت من استعادة مدينة ترهونة (90 كلم) جنوب شرق طرابلس، التي كانت تعد غرفة العمليات الرئيسية لقوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وتضم أكبر قوة عسكرية لها غرب البلاد، الأمر الذي مكنها من إعادة إحكام السيطرة على كامل غرب ليبيا، وذلك للمرة الأولى منذ شهر أبريل 2019، تاريخ إطلاق عملية تحرير طرابلس. سعيد امغيب: ما يحدث بداية تقسيم ليبيا فالأتراك لن يخرجوا من الغرب سعيد امغيب: ما يحدث بداية تقسيم ليبيا فالأتراك لن يخرجوا من الغرب وبرر اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، تلك الانسحابات التي شملت مُجمل غرب ليبيا بـ”تعرض قيادة الجيش الليبي لضغوط من دول كبرى وصديقة والأمم المتحدة للانسحاب مسافة لا تقل عن 60 كم من حول العاصمة”، تمهيدا لاستئناف اجتماعات 5+5 العسكرية، بهدف إنجاح المسار السياسي. وطرح هذا التبرير جملة من التساؤلات في علاقة بالمقاربة العسكرية أولا، وبتبعاتها السياسية ثانيا، خاصة وأن تلك الانسحابات بدت في الكثير من جوانبها غير منظمة، وخارج إطار حسابات المشهد الميداني التي أنتجتها عملية تحرير العاصمة طرابلس بما راكمته من مُتغيرات على الأرض خلال الأشهر الماضية. وعلى وقع تلك التساؤلات، يأخذ ذلك التبرير منحى سياسيا وسط تقديرات تذهب في أغلبها إلى الدفع بسياقات جديدة تبدو أقرب إلى الإقرار بخطة التقسيم التي يبدو أن النقاش حولها خرج من الدائرة الضيقة إلى نطاق أوسع، ما جعل عضو البرلمان الليبي سعيد امغيب، يرى أن ما يحدث هو بداية لتقسيم ليبيا. وقال امغيب في تدوينة نشرها عبر فيسبوك “اليوم تتضح معالم المؤامرة… الأتراك لن يخرجوا من المناطق التي سيطروا عليها، والمجتمع الدولي لن يحرك ساكنا… المواطن الليبي شرقا وغربا وجنوبا أوضحت له هذه الحرب الفرق بين الرجل الوطني الشجاع الذي رفض التنازل وتقديم الوطن على طبق من ذهب لكل من يريد إقامة قواعد عسكرية وبين من هو عميل فرط في كل ما يتعلق بالسيادة الوطنية وشرف الليبيين”. مصطفى الزائدي: الإخوان يستهدفون تقسيم ليبيا لإقامة الخلافة العثمانية مصطفى الزائدي: الإخوان يستهدفون تقسيم ليبيا لإقامة الخلافة العثمانية وتابع “الكرة الآن في ملعب من طلبوا من الجيش الانسحاب مقابل تفكيك الميليشيات وإخراج المرتزقة، فإن نجحوا فهذا ما نريد وإن لم ينجحوا وهو الأقرب في نظري فإن برقة تستطيع العيش بمفردها بعزة وكرامة”. ولم يتردد أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية مصطفى الزائدي، من التحذير من مخطط لجماعة الإخوان المسلمين يستهدف تقسيم ليبيا من أجل البقاء وإقامة الخلافة العثمانية الثانية. وقال في تغريدة نشرها على فايسبوك إن “جماعة الإخوان وتوابعها الذين يخوضون حربا قذرة من أجل البقاء في ليبيا والمغرب العربي، لا يهمهم تقسيم ليبيا أو بقاءها موحدة لأن هدفهم الوحيد أن يبقوا هم، ليقيموا الخلافة العثمانية الثانية عام 2028 في المنطقة”. وأضاف “في العام 2011 استدعوا القوة النارية لطيران وصواريخ حلف شمال الأطلسي لتدمير الجيش الليبي، وفي 2020 استدعوا القوة النارية للسلاح الجوي والبحري التركي والآلاف من المرتزقة لتدمير الجيش الفتي الذي خرج من بين أنقاض النكبة، ليحافظ على ليبيا بلدا واحدا حرا مستقلا”، داعيا في هذا السياق القوى الوطنية إلى أن “توحد جهودها للوقوف ضد محاولات التقسيم”. ولا يُخفي إخوان ليبيا رغبتهم في التقسيم، بل إنهم يسعون لذلك، على أساس خارطة الولايات العثمانية القديمة التي تعتمد على وجود ثلاث دويلات في ليبيا على قاعدة الأقاليم الثلاثة، أي “برقة” في الشرق، و”طرابلس” في الغرب، و”فزان” في الجنوب، علما وأن هذه الخطة كان قد أعدها سباستيان غوركا المسؤول الكبير في البيت الأبيض، والمكلف من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بملف السياسة الخارجية. إقرأ أيضاً: الوفاق تتنصل من انتهاكات تمارسها الميليشيات في ترهونة

مشاركة :