عملية عسكرية مدعومة أميركيا لفرض مسار جديد في ليبيا | الجمعي قاسمي | صحيفة العرب

  • 6/24/2020
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

تزامن لقاء وزير الدفاع التونسي عماد الحزقي بقائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند مع زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى فرنسا، وحملت المستجدات دلالات عديدة ترتبط بتغير محتمل في مسارات الملف الليبي لاسيما مع إبداء “أفريكوم” نوعا من التفهم والمراعاة للمواقف الفرنسية والمصرية والتونسية. تونس – قدمت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” نسخة منقحة لموقفها من الصراع الليبي بدا أنها تراعي الحساسيات الفرنسية والمصرية والقلق التونسي من دون تغيير حقيقي لما يبدو مسارا محتملا للتصعيد بدعوى “التحريك”. وقالت مصادر تونسية مطلعة، في تصريح لـ”العرب”، إن مباحثات الجنرال ستيفن تاونسند قائد أفريكوم وعماد الحزقي وزير الدفاع التونسي التي جاءت مباشرة بعد اجتماع “زوارة” بين تاونسند وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق في طرابلس لم تكن معزولة عن السياق العام للتبدلات في المواقف والمواقع، ولا خارج إطار التطورات المُتلاحقة التي تعصف بالملف الليبي، التي دفعت الرئيس التونسي قيس سعيد إلى زيارة باريس. وذكرت وزارة الدفاع التونسية أن الحزقي بحث مع الوفد الأميركي “الوضع الأمني الإقليمي” على إثر الزيارة التي قام بها قائد القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا إلى ليبيا ولقائه بالمسؤولين الليبيين، حيث أكد الوزير التونسي على دعم الشرعية في ليبيا. وأشارت، في بيان، إلى أن وزير الدفاع التونسي أكد أيضا على “وجوب التسوية السياسية والأخذ في الاعتبار أولا وأخيرا مصلحة الشعب الليبي”، مشددا في نفس الوقت على “رفض تونس كل أشكال التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا وكل مشاريع التقسيم”. وكان لافتا أنه في الوقت الذي كان فيه وزير الدفاع التونسي يجتمع مع قائد “أفريكوم” كان الرئيس سعيد يجتمع في باريس مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث اعتبر أن السلطة الحالية في العاصمة طرابلس “مؤقتة”، وذلك في إشارة إلى حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج. وفيما شدد قيس سعيد على ضرورة أن تحل مكان تلك السلطة “سلطة شرعية جديدة نابعة من إرادة الشعب”، لم يتردد الرئيس الفرنسي في القول إن فرنسا التي تدعو إلى وقف كل التدخلات الأجنبية، تعتبر أن “تركيا تمارس لعبة خطرة في ليبيا”. التعاطي مع البعد العسكري هذه المرة يتخذ شكلا مختلفا عكسته دلالات رسائل اجتماع زوارة وضمن هذا المشهد الذي تأخذ فيه الحسابات القائمة سياقات تُملي فرضيات مُتعددة، يكون المشهد في ليبيا قد اقترب كثيرا من مُربع المفاجآت الصاخبة التي لن تخرج مع ذلك من دائرة “التحريك العسكري” لفرض مسار سياسي جديد. ويقترب المشهد الليبي بسرعة من حافة الدخول في مُربع العمل العسكري “التحريكي” لعناصر الصراع الراهن الذي تتنازع فيه المصالح والأهداف والأجندات الإقليمية والدولية بأدوات محلية. وشكل اجتماع “زوارة” بين الجنرال تاونسند والسراج والوفد العسكري الكبير المرافق له، مُقدمة لتلك التبدلات في المواقف التي لا يمكن تجاهل ما تضمنته من رسائل بين سطورها. وبدا واضحا أن تلك الرسائل لا تقتصر على الجانب السياسي فقط وإنما تشمل أيضا البعد العسكري، الذي تحول إلى جزء لا يتجزأ من المعادلة الراهنة كثيرا وما استندت إليه المقاربة التكتيكية للولايات المتحدة في إطار لعبتها المزدوجة في التعاطي مع الملف الليبي التي تقوم على قاعدة تبادل الأدوار وتقاسم المصالح مع تركيا. ويأخذ التعاطي مع البعد العسكري هذه المرة شكلا مختلفا، عكسته دلالات رسائل اجتماع “زوارة”، الذي يبدو أنه انتهى إلى تفاهمات مع حكومة السراج بخصوص مستقبل الميليشيات والمرتزقة، وكذلك الدور التركي في ليبيا رغم غموض الرسائل الأميركية بشأن هذا الدور. ورغم أن الافتراضات تتوزع هنا بتعدد الرهانات والاتجاهات التي تفرضها المساحات المستجدة في التطورات، فإن تلك الرسائل تشي مع ذلك بأن الولايات المتحدة قد تكون قررت ترك تركيا تتحمل لوحدها التبعات السياسية والعسكرية لتدخلها في ليبيا، وذلك وفق الترتيبات تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على وحدة وتماسك الحلف الأطلسي. عماد الحزقي: نرفض التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا ومشاريع التقسيم عماد الحزقي: نرفض التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا ومشاريع التقسيم ويتجلى ذلك من خلال الكثير من التسريبات التي تتالت تباعا مباشرة بعد اجتماع زوارة، والتي تُشير في مُجملها إلى أن التبدلات في الموقف الأميركي لن تكون مجرد تغييرات في المنحى السياسي، بل تتجاوز ذلك إلى الإقرار المُسبق بأن تغيير تركيبة القوات الموالية لحكومة السراج، أصبح ضرورة، ولا بد أن تصل عجلته إلى خط النهاية، أي التخلص من الميليشيات. وكشفت مصادر ليبية، واكبت ذلك الاجتماع، أن الوفد الأميركي طلب من السراج حل وتفكيك عدد من الميليشيات منها كتيبة غنيوة الككلي والنواصي و”باب تاجوراء”، المعروفة باسم “كتيبة الأزهري”، إلى جانب إعادة تنظيم عمل “قوة الردع الخاصة” وضم أفرادها إلى وزارة الداخلية. وأكدت المصادر في نفس الوقت أن الوفد الأميركي ألمح للسراج والوفد المرافق له أن الوضع العام ينزلق نحو عمل عسكري وصفه بـ”التحريكي”، مُحدد في الزمان والمكان لرسم خطوط جديدة للصراع لا تستثني إمكانية تسريع عملية البحث عن بديل سياسي يكون جاهزا للدخول في عملية سياسية يُفترض إطلاقها خلال الفترة القادمة وفق حسابات ومعادلات جديدة. وجاء التلويح الأميركي مُلتبسا في علاقة بسياق الترتيبات التي ستنتهي إليها الأوضاع، خاصة وأن الارتدادات والانعكاسات المحتملة لأي تحرك عسكري مهما كان محدودا ستشمل دول الجوار لاسيما مصر المعنية مباشرة بالتصعيد الحالي وكذلك تونس التي تضغط عليها الجغرافيا الليبية.

مشاركة :