بيروت- لا تزال الحكومة اللبنانية عاجزة عن احتواء الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها البلد وتعلّق آمالها على صندوق النقد في محاولة للحصول على أكثر من 20 مليار دولار بينها 11 مليار أقرها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطاً اجراء إصلاحات لم تبصر النور. وتحاول الحكومة إنقاذ الوضع من خلال خطة أقرها مجلس الوزراء في أبريل الماضي عبر تأمين الدعم المالي من مصادر خارجية متعددة منها صندوق النقد الدولي ومؤتمر سيدر. لكن الليرة اللبنانية تواصل تراجعها لتسجل مستوى منخفضا جديدا على الرغم من تطبيق نظام تسعير جديد أطلقته الحكومة الأسبوع الماضي وكانت تأمل أن ينجح في كبح جماح ارتفاع أسعار الغذاء بينما تتفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن اتفاق يخرجها من الأزمة. وقد سجّلت الليرة في السوق السوداء انخفاضاً غير مسبوق أمام الدولار الخميس لامس عتبة الخمسة آلاف، وفق ما أفاد صرافون، رغم تحديد سعري المبيع والشراء رسمياً، في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً متسارعاً وارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع. وتعتبر الأزمة، التي بدأت أواخر العام الماضي، أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990. وتعقد السلطات اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي أملاً بالحصول على دعم مالي يضع حداً للأزمة المتمادية، في وقت تقترب الليرة من خسارة نحو سبعين في المئة من قيمتها منذ الخريف. غراف وفيما سعر الصرف الرسمي ما زال مثبتاً على 1507 ليرات، حدّدت نقابة الصرافين الخميس سعر شراء الدولار بـ3890 كحد أدنى والبيع بـ3940 كحد أقصى، في خطوة بدأتها منذ أيام بالتنسيق مع الحكومة في محاولة لتثبيت سعر الصرف على 3200 ليرة. وبينما أغلق العديد من محال الصيرفة أبوابه بحجة عدم توفر الدولار، قال أحد الصرافين في بيروت إنّ سعر مبيع الدولار في السوق السوداء بلغ خمسة آلاف ليرة الخميس بينما الشراء 4800. وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، بدأ شراء الدولار صباحاً بـ4850 ليرة، وفق ما أوضح أحد الصرافين في السوق السوداء. وفي جنوب لبنان، قال أحد المواطنين إنه باع مبلغاً بالدولار لأحد الصرافين بسعر 4750 ليرة. وفي محاولة لضبط سوق الصرافة غير الشرعية، يعتزم مصرف لبنان بدء العمل بمنصة الكترونية لعمليات الصرافة في 23 يونيو. صادق مجلس الوزراء اللبناني، الأربعاء، على جملة من التعيينات المالية والادارية، بضمنها اربعة نواب لحاكم مصرف لبنان. وقالت وسائل إعلام لبنانية إن الحكومة عينت أربعة نواب لحاكم مصرف لبنان المركزي، بعد أن ظلت المناصب شاغرة لأكثر من عام. ويشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، يتزامن مع شحّ الدولار وتوقف المصارف عن تزويد المودعين بأموالهم بالدولار. وتسبّبت الأزمة بارتفاع معدل التضخم وجعلت قرابة نصف السكان تحت خط الفقر. إغلاق حتى إشعار آخر إغلاق حتى إشعار آخر ودفعت هذه الأزمة مئات آلاف اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 أكتوبر احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة. وتجددت الاحتجاجات في وقت متأخر من الثلاثاء في بيروت وطرابلس لأسباب منها أزمة العملة. ووجد عشرات الآلاف أنفسهم خلال الأشهر الأخيرة يخسرون وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، ما رفع معدل البطالة بحسب احصاءات رسمية، إلى أكثر من 35 في المئة. وينعكس الانخفاض في قيمة العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج كالمفروشات والأدوات الكهربائية وقطع السيارات. وأبدى نبيل وهو موظف متقاعد سخطه من التغيير اليومي في سعر الصرف. وقال "بالأمس توجهت إلى متجر للأدوات الكهربائية لشراء براد، طلب مني البائع تسديد ثمنه إما 1200 دولار نقداً أو ما يعادله وفق سعر صرف خمسة آلاف أي 6 ملايين ليرة، أي ضعفي راتبي الشهري". ونبّهت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير الإثنين إلى أن "لبنان يحتاج إلى مساعدات خارجية ملحّة لتفادي أسوأ العواقب الاجتماعية" شرط أن تكون مقرونة بتبني السلطات إصلاحات ضرورية ما زالت تتجاهلها.
مشاركة :