قضية المشروعات المتعثرة على اختلاف أنواعها سواء حكومية أو خاصة بنية تحتية او عقارية، قضية مؤرقة وضررها كبير على الجميع الوطن والمواطن. كم من مشروع تم الإعلان عنه وتعثر او لم ينفذ؟ هناك ارقام متناثرة ومتباينة عن اعدادها، وتتنوع المشروعات فمنها المشروعات الحكومية من طرق واسكان وخدمات كالمياه والصرف الصحي، ومشروعات القطاع الخاص السكنية والتجارية التي يعلن عنها وتغيب شمسها ويتضح هدفها لاحقاً، وثالثها المشروعات المشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص مثل تطوير وسط المدن والأحياء العشوائية والمشروعات السياحية. سأكتفي في هذا المقال بالحديث عن الجزء الأخير من أنواع المشروعات وهو الذي يتم بالشراكة بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص ومشاكل التعثر والتأخر وضعف الإنجاز التي تجعل من المشروع مجرد فقاعة إعلامية لفترة محدودة يعقبها خطوات بطيئة مغلفة بالبيروقراطية والروتين الممل وعدم الاهتمام الى ان تصل الى مرحلة التعثر والنسيان. لنأخذ أحد الأمثلة وهو مشروع تطوير حي الرويس وسط محافظة جدة الذي تم الإعلان عنه عام 2008م، وهو نتاج شراكة بين "شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني" و"شركة تحالف الرويس للتطوير العقاري" وسميت هذه الشراكة فيما بعد "بشركة الرويس العالمية للتطوير العقاري" وهي المسؤولة عن تطوير المنطقة والمشروع على خمس مراحل، مرحلة المسح العقاري الشامل وآلية تعويض الملاك، اعداد المخطط العام للمشروع، تجهيز الموقع وإزالة الأنقاض، تملك وبناء مواقع الخدمات العامة، وأخيرا مرحلة التنفيذ. هذا المشروع لم تُنفذ منه الا المرحلتان الأولى والثانية وتوقف عند المرحلة الثالثة منذ سنوات وحدث فيه الكثير من اللغط والأخذ والردّ والشكاوى من قبل سكان الحي بسبب أسلوب تعامل الشركة المنفذة وتعاطيها مع سكان الحي الذين تم اشعارهم بإخلائه وتثمين عقاراتهم. وهي شكاوى كثيرة من قبل سكان الحي وتظلمهم من أسلوب التعامل وحجم التثمين او توفير المسكن البديل لهم. مشكلة إدارة الأعمال والمشروعات من المكاتب واخذ القرارات الارتجالية في أمور تخص مواطنين بسطاء ينتج عنها أخطاء وهضم لحقوقهم من قبل فرق عمل غير متفرغة او لا تمتلك الخبرة الكافية ولديها اعمالها الخاصة وشركاتها المنتجة. وفي مثل هذا الموضوع الذي يمس مواطنين ساكنين آمنين يفرض عليهم مشروع ظاهره التطوير لحي عشوائي وإعادة اعمار وسط المدينة وإقامة مشاريع حيوية تخدم الحي والمدينة وهذا ما أقرته الدولة، وباطنه سوء التنفيذ والقرارات المجحفة بحق السكان الى أن تعثر المشروع بسبب شكوى المواطنين لولاة الأمر. مشروع تطوير الرويس تأخر كثيرا فمن سيحاسب المتسببين في تأخيره وتعثره، الدولة لم تقصر أعطت الشركة الصلاحية والدعم، ويبقى أسلوب الإدارة من قبل قطاع خاص يعمل بعقلية بيروقراطية أوصل المشروع الى هذا الحال.. يا ترى كم هو حجم الخسائر من هذا التأخير ومن المستفيد؟ الإجابة لا أحد فالجميع خاسر.
مشاركة :