بعد عرض مسلسل الفتوة والنجاح الكبير الذي حققه ياسر جلال، سألت نفسي ترى ما هي الشخصية القادمة التي سيجسدها هذا الفنان عميق الموهبة، بعد أن تجلى بكامل إبداعه أمام الجمهور والنقاد وصناع الدراما، سؤالي كان دافعه الشغف فلم يكن لدي شك في أن العمل القادم سيكون مختلف شكلا وموضوعا كما عودنا.الإجابة جاءت سريعا من حديقة منزل الفنان عمرو يوسف، فيديو قصير أعلن خلاله النجم ياسر جلال قبوله التعاقد على بطولة مسلسل " سيف الله المسلول " وتجسيد شخصية الصحابي والقائد خالد بن الوليد، بمباركة من زميله وبعد تأكده أن اعتذاره عن استكمال المسلسل كان بسبب ارتباطه بتعاقد آخر. وأيا ما كانت الأسباب التي أدت لإعتذار عمرو يوسف عن أداء الدور، فقد تجاوز ياسر جلال بدماثة أخلاقه وتصرفه هذا أجيالا من الفنانين، فهذا المشهد لم نألفه بل لا يُعد تجاوزا إذا قلت أنه الأول في تاريخنا الفني، فأغلب ما دون من تابلوهات الزمن الجميل وأخلاق عمالقة الفن انحسر في ترابط الصداقات والمواقف الإنسانية بين هؤلاء النجوم، بينما ظلت المنافسة الفنية وحرب النجوم والصراع من أجل الصدارة الفنية بعيدة عن هذا الترفع والرقي. من المواقف القليلة التي يذكرها التاريخ الفني ما فعله الفنان رشدي أباظة عام 1966، حين تم التعاقد معه ليؤدي دور البطولة أمام النجمة شادية في فيلم " مراتي مدير عام " وكان هذا بعد أربع سنوات من نجاحهما الكبير في فيلم " الزوجة رقم 13 " وحسب الرواية حصل حينها على مبلغ 2000 جنيه كعربون، إلا أن هذا الاتفاق تم نقضه باستبدال رشدي أباظة، بصلاح ذو الفقار، زوج الراحلة شادية في ذلك الوقت، إلا أن أحدا لم يجرؤ أحد على مقابلة رشدي أباظة أو إبلاغه باستبعاده، ومع أول يوم تصوير للفيلم فوجئ الجميع بحضوره حاملا باقة من الورود متمنيا التوفيق للفنان صلاح ذو الفقار، وقام برد ال2000 جنيه التي كان تقاضاها على سبيل العربون.كان هذا هو الموقف الوحيد الذي مر على أسماعنا مجسدا تسامح النجوم، حتى أن أحد الصحفيات عندما أرادت إعداد تقرير عن الفنانين الذين اعتذروا عن أداء أدوارهم لصالح آخرين لم تجد، فأعدت تقريرا ذكرت فيه بعض الأعمال الفنية التي أداها ممثلون بدلا من غيرهم بسبب الوفاة.ياسر جلال ممثل مجتهد وموهوب صعد سلم النجومية على مهل، ورغم عدم الميل للتشبيهات الفنية، إلا أنه يذكرني في رزانته وامتلاك رؤيته الخاصة في أداء الشخصيات، بالعظيم الراحل نور الشريف، الذي سبق وقدم أعمالا حفرت في وجدان المشاهد العربي، وأؤكد أن ياسر جلال لديه نفس المقومات، والفرصة أصبحت سانحة أمامه من خلال تجسيد أحد أهم الشخصيات وأكثرها جدلا في التاريخ الإسلامي " سيف الله المسلول خالد بن الوليد " ، أنا على ثقة أنه بعبقرية العظماء سيقدم لنا تحفة درامية تخلد في الذاكرة.
مشاركة :