هجمة تركيا على الصحافة تزداد عند تغطية القضية الكردية | | صحيفة العرب

  • 6/18/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تتعامل الحكومة التركية بحساسية شديدة مع القضية الكردية وكل من يتناولها من صحافيين أتراك أو أجانب، لذلك تقابلهم بحملات قمع شديدة، وتوجه لهم تهما خطيرة، في سبيل التعتيم على ما يجري في مناطق الأكراد التي تجري فيها عمليات عسكرية بين آونة وأخرى. أنقرة – اعتقلت الشرطة التركية الأربعاء مراسل إذاعة “صوت أميركا” عارف أسلان أثناء تغطيته “مسيرة الديمقراطية ضد الانقلاب” التي أطلقها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي. وانطلقت مسيرة الديمقراطية ضد الانقلاب من اتجاهين أحدهما من إسطنبول في غرب البلاد والثاني من ولاية هكاري ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد على أن يلتقيا في العاصمة أنقرة. ويعمل أسلان صحافيا مستقلا لصالح النسخة الكردية لإذاعة “صوت أميركا”، وتضاربت الأنباء حول أسباب اعتقاله، حيث ذكرت مصادر أن الاعتقال تم بسبب ملف سابق يخضع للتحقيق في إطاره، ومن ثم تم إرساله إلى السجن. في حين قال موقع خلق تي.في Halk TV، إن أسلان نقل إلى مديرية أمن مدينة وان شرق تركيا، مشيرا إلى عدم وجود معلومات مؤكدة عن سبب الاعتقال. لكن بالنظر إلى تعامل السلطات التركية مع الصحافيين الأكراد وبشكل خاص الذين يغطون القضية الكردية وما يتعلق بها، تكفي تغطية أسلان لهذه المسيرات لاعتقاله بالنسبة لأدبيات السلطات التركية. وكان أسلان تعرض للاحتجاز في عام 2017 بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي على خلفية تصويره الحواجز الموجودة أمام بلدية مدينة وان ذات الأغلبية الكردية. وتتعامل حكومة حزب العدالة والتنمية بحساسية شديدة مع القضية الكردية وكل من يتناولها من صحافيين أتراك أو أجانب، إضافة إلى التضييق وخنق وسائل الإعلام الكردية، والتهمة الموجهة دائما لهؤلاء هي دعم الإرهاب أو الانضمام لجماعة إرهابية، أي التهمة الأخطر التي تثير الرأي العام وتعتبر مسوغا للأحكام القاسية التي يدان بها الصحافيون أثناء محاكمتهم. توجيه تهمة دعم الإرهاب للصحافيين يعتبر مسوغا مثاليا لإثارة الرأي العام وإصدار أحكام قاسية عليهم أغلقت السلطات التركية العديد من الصحف ومواقع الإنترنت ومحطات الراديو والتلفزيون، في إطار الضغط على وسائل الإعلام وخاصة الكردية منها. واشتدت الحملة على وسائل الإعلام الكردية والصحافيين الذين يغطون القضية الكردية بعد محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو 2016، وفي سبتمبر من العام نفسه، بين عشية وضحاها أغلقت 12 محطة تلفزيون و11 محطة إذاعية، بينها Zarok TV، وهي قناة تبث فقط أفلام الرسوم المتحركة بالكردية. وسمحت السلطات لاحقا لهذه القناة بالعمل لكن ضمن شروط محددة، وهي أن تبث 40 في المئة من برامجها بالتركية، ويجب أن تعكس البرامج “الثقافة التركية”. وأغلقت أيضا وكالة الأنباء النسائية “جينها” التي كانت تشغل نساء فقط، بينهن الفنانة والصحافية الكردية ورئيسة تحرير الوكالة زهرة دوغان التي اعتُقلت في الأيام الأولى للمحاولة الانقلابية ووُجهت لها تهمة العضوية في تنظيم إرهابي. وفي 2017 حُكم عليها بالسجن لمدة ثماني سنوات وتسعة أشهر. واحتجاجا على اعتقالها رسم الفنان الإنجليزي بانكسي صورة لزهرة دوغان على أحد الجدران في نيويورك. وقال حقي بولتان، عضو جمعية “مبادرة الصحافيين الأحرار”، التي أغلقت في نوفمبر 2016، في تصريحات سابقة “ليست هناك قناة تتوجه إلى الجمهور الكردي تحصل على ترخيص البث. وليس هناك موقع إنترنت يحصل على رخصة النشر”. وأضاف بولتان بأن هذا بدأ بعدما أوقفت الحكومة التركية مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره محظورا. “والناس لا يمكنهم إلا مشاهدة قنوات تلفزيون تبث عبر الأقمار الصناعية من الخارج”. وفي شرق البلاد تخضع جميع وسائل الإعلام التي ليست تحت مراقبة حزب العدالة والتنمية الحاكم، لمنع التغطية الإعلامية المحايدة من هذه المنطقة التي تجري فيها عمليات عسكرية بين آونة وأخرى. ولا يعرف الناس ما الذي يحصل في المناطق التي يحصل فيها قتال. بينما تنشر وسائل الإعلام التابعة للحكومة الأخبار التي تناسب أجندة الحكومة فقط. وبطبيعة الحال هذه الهجمة على الصحافة ووسائل الإعلام في تركيا لا تقتصر فقط على الإعلام الكردي، بل تطال كل من يحاول التغريد خارج سرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما أفرز حالة من انعدام الثقة بوسائل الإعلام التركية، أكدتها العديد من التقارير الدولية التي تصف تركيا بأنها أكبر سجن للصحافيين في العالم، وتشير إلى أن الحكومة تقمع حرية الصحافة. Thumbnail وازدادت نسبة انعدام الثقة لدى الأتراك بإعلام بلادهم مع تفشي وباء كورونا، وفرض الدولة تعتيما على المعلومات التي لا تناسبها. ونشر معهد رويترز لدراسات الصحافة التابع لجامعة أوكسفورد، تقريره الخاص بالمواقع الإلكترونية الإخبارية في 2020، أوضح فيه أن وباء فايروس كورونا المستجد لم يؤثر على صحة الإنسان فقط، وإنما أثر على مصادر الأخبار أيضا، مشيرا إلى أن الهواتف الذكية أصبحت الوسيلة الأكثر استخداما للوصول للأخبار في تركيا. ولفت التقرير إلى حدوث زيادة كبيرة في استخدام الخدمات الإخبارية عبر الإنترنت في تركيا، إلا أنه أشار إلى أن التلفزيون استمر في الحفاظ على صدارته كمصدر للأخبار لدى المواطنين. أما عن أكثر المصادر الإخبارية ثقة من قبل المواطنين الأتراك، فقد جاءت قناتا Fox TV وNTV الخاصتان غير المواليتين لحكومة حزب العدالة والتنمية، على رأس القائمة، أما أكثر الصحف التركية ثقة فقد جاءت صحيفتا جمهوريت وسوزجو المعارضتان على رأس القائمة أيضا؛ بينما جاءت صحيفة “صباح” وقناة AHaber المواليتان للنظام على رأس المصادر الإخبارية الأقل ثقة في تركيا. وقالت أيضا دراسة لمركز التقدم الأميركي، تحت عنوان “الشكل المتغير للإعلام في تركيا”، إن 72 في المئة من الشعب التركي لا يثق في الإعلام بالرغم من زيادة متابعاتهم لوسائل الإعلام عبر الإنترنت في الفترة الأخيرة. وأشارت إلى أن نسبة عدم الوثوق في الإعلام ترتفع أكثر بين أنصار ومؤيدي أحزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري، وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وحزب الخير. وأكدت الدراسة أن 56 في المئة من المشاركين يرون أن الإعلام في البلاد غير حر وأنه يخضع لسيطرة الحكومة، بينما يرى نحو 40 في المئة من المشاركين أن الإعلام في البلاد حر.

مشاركة :