الصحافة الإلكترونية في ليبيا خارج نطاق التغطية | خلود الفلاح | صحيفة العرب

  • 7/20/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن مهنة الصحافة اليوم في ليبيا ليست بخير بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية، فقد تراجع ترتيب ليبيا مرتبتين عن العام الماضي ليصبح 164، بحسب التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2020، ولكن هل الصحافة الإلكترونية خارج هذا التصنيف؟ طرابلس - فاقم غياب المهنية مشاكل الصحافة الليبية التي تعصف بها الأزمات السياسية والاقتصادية. ويعترف خبراء ليبيون في مجال الإعلام بوجود إشكالية كبيرة في صناعة الصحافة في ليبيا “تكمن في عدم القدرة على تشخيص موطن الداء”. ويقول أستاذ الصحافة بجامعة الزيتونة الليبية عادل المزوغي “لدينا في ليبيا صحف ورقية على قلتها، ولدينا مواقع إلكترونية على كثرتها، لكن ليست لدينا صحافة حقيقية ولا صحافيون يصنعون وينتجون الأخبار، وليست لدينا مواقع صحافية منافسة أو تلبي أقل الاشتراطات المهنية”، مؤكدا أن “الصحافة الإلكترونية في ليبيا هي خارج مجال التغطية لا تنافس أحدا وليست لديها القدرة أصلا على المنافسة، ولا يمكن أن تواكب أي شيء مما يحدث حولنا”. وتسود ليبيا فوضى سياسية وأمنية وتراجع اقتصادي، إلى جانب عدم وجود ضوابط أو تشريعات قانونية واضحة بخصوص الصحافة، ما يجعل اللجوء إلى الإصدار الإلكتروني أسهل وأقل تكلفة وعملية، إلى جانب أنه أيسر السبل للوصول إلى القارئ، مع التقدم المستمر في تطوير وسائل الاتصال. ويقول الصحافي الليبي رضا فحيل البوم إن “الصحافة الإلكترونية واكبت الأحداث أكثر من الصحافة الورقية. إذ أن تحديث الأخبار يحدث ساعة بساعة الأمر الذي لا يمكن للصحافة الورقية أن تقدمه. ومع ذلك تبقى للصحافة الورقية مكانتها في نشر التحقيقات الاستقصائية والتقارير الهامة والتي تكون بمثابة مرجع دائم ومهم لأي دراسات مستقبلية”. وأضاف أن “الصحافة الإلكترونية وخاصة في ليبيا أصبحت أحد المصادر الرئيسية لوسائل الإعلام التقليدية مثل الراديو والتلفزيون”. من جانبه، يرى رئيس تحرير جريدة الوسط وموقع بوابة الوسط الإلكتروني بشير زعبيه أن الصحافة الإلكترونية حاولت إلى حد كبير مواكبة ما يجري في ليبيا، ويلفت زعبيه إلى أن هذا النوع من الصحافة يعاني كثيرا من نقص الاحترافية والمهنية، بما تحمل من مضامين المصداقية والدقة، وقوة المصادر، وقبل ذلك سلبية تأثير الاصطفافات السياسية والجهوية في المحتوى، وارتهان البعض إلى أجندات خارجية مرتبطة ببعض قوى الداخل، يضاف إلى ذلك انعدام وجود ضمانات تحمي الصحافي، وقوانين تسهل له الوصول إلى مصادر المعلومات. ويعتبر المزوغي أن الصحافة الإلكترونية الليبية لم تتخلص من مسألة القص واللصق من الصحف أو من المواقع الإلكترونية الأخرى، مؤكدا “العالم يتحدث بل يمارس ‘الكروس ميديا’ أو ما يعرف بالإعلام المتقاطع، حيث يمتلك الصحافي فيها كل التقنيات من تحرير الخبر إلى تصويره ثابتا ومرئيا ومنتجته وإعداده للنشر. بينما لا تزال المواقع الإلكترونية في ليبيا لم تدرك هذه الخطوة المهمة”. عادل المزوغي: الصحف الورقية أكثر مصداقية من المواقع الإلكترونية عادل المزوغي: الصحف الورقية أكثر مصداقية من المواقع الإلكترونية ويلفت أستاذ الصحافة بجامعة الزيتونة الليبية أن هناك انتشارا كبيرا للمواقع الإلكترونية في ليبيا، لكن ليست كلها مواقع صحافية تقدم خدماتها الإخبارية وفقا لاشتراطات المهنية بل أغلبها تقدم خدمات غير إعلامية، مستطردا “المشكلة في بلادنا أن المشتغلين في حقل الصحافة والإعلام قفزوا على هذه المهنة وتصدروا المشهد ولم يقدموا إنتاجا صحافيا راقيا وفي تصورهم أن العمل الإعلامي نوع من الوجاهة الاجتماعية، لذلك الكل يحاول أن يؤسس موقعا إلكترونيا دون أن يقدم الخدمة الصحافية المميزة، أعتقد أن الأمر لا يتعلق بتذبذب صدور الصحف أو حتى توقف صدورها فالأساس في الصحافة الورقية أو الإلكترونية هو جودة المحتوى الصحافي المقدم والاحترافية في صياغة المادة الصحافية على الورق أو إلكترونيا وعندما تنجح في ذلك ستقنع المتلقي بالإقبال على المنتج”. ويشير الخبراء إلى أنه لا مجال في ليبيا للحديث عن تهديد الصحافة الإلكترونية للصحافة الورقية مؤكدين أن السوق في ليبيا لا يزال يستوعب وجود الصحافة الورقية شرط توفر المهنية. وتحتوي مواقع إلكترونية ليبية على أخبار ومواد إضافة إلى أنها لا تصلح للنشر فإنها موجودة في المواقع منذ أشهر دون تحديث على غرار الموقعين الإلكترونيين لصحيفتي الصباح وفبرابر. ويقول المزوغي إنه “منذ ظهور مواقع الإنترنت في صحفنا أواخر العام 1999، لم يتأسس موقع إلكتروني واحد يقدم خدمة صحافية يومية تصاغ فيها كل قوالب التحرير بطريقة مهنية”، ويضيف “لا أتجنى على أحد فيمكن إخضاع كل المواقع الصحافية الليبية التي تدعي العمل الصحافي والإعلامي إلى شروط ومعايير المهنية الصحافية عندها سنلاحظ الإخلال الواضح في تنفيذ شروط المهنية وعدم استيعاب آليات العمل الصحافي، كما أن المواقع الصحافية الإلكترونية في غالبيتها وعبر سنوات ما هي إلا نسخ ولصق للصحف الورقية، وبالتالي لا تزال المواقع الإلكترونية تتخبط في أدائها مثلها مثل الصحافة الورقية إن لم يكن أسوأ”. ورغم ذلك يؤكد المزوغي أن الصحف الورقية وعلى قلة أخبارها فهي أكثر مصداقية من المواقع الإلكترونية التي تنشر في الغالب أخبارا غير دقيقة ولا تنسبها إلى مصادر، بينما تركز الصحف الورقية على ذكر المصادر. ستبقى الصحف الورقية تصدر في ليبيا كما في بقية بلاد العالم ولن تنتهي وتتقهقر رغم الظروف ولن تُلغي الصحافة الإلكترونية دورها ولا حتى ما تنشره وحجم الاهتمام الذي تناله وسائل التواصل الاجتماعي سيُنهي دور صحافة الورق”. ويعاني الناشرون في ليبيا مصاعب كثيرة في إصدار الصحف الورقية منذ زمن مرتبطة في الغالب بصعوبات مالية وتقنية، إضافة إلى الضعف الواضح في إنتاج المحتوى الجيد والإخراج المتميز. وتشهد ليبيا تراجعا كبيرا في عدد الصحف الورقية، بعد توقف العديد منها عن الطبع لأسباب مختلفة، ولم تسلم من هذه الظاهرة حتى الصحف الرسمية التابعة للدولة. وبات العمل الصحافي في ليبيا محفوفا بالمخاطر، ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود في ليبيا بأنها واحدة من أخطر دول العالم في ممارسة العمل الصحافي وأن الصحافيين ووسائل الإعلام يتعرضون لمضايقات من الأطراف المتناحرة من دون أي رادع. ورغم ذلك يؤكد زعبيه “لا يزال المناخ والسوق في ليبيا يستوعب وجود الصحافة الورقية، المشروطة بتوفر قدر كبير من المهنية وحداثة وسائل الطباعة وتطوير شبكات وآليات التوزيع، وإفساح المجال لظهور الإصدارات الخاصة، وفي النهاية مدى تمكن هذه الصحافة من تطوير نفسها للحفاظ على البقاء أمام ثورة الاتصالات، وانتشار خدمة (الإنترنت)، وعلى سبيل الاستشهاد فإن إحصائيات محايدة أشارت إلى أن الصحافة الورقية في بعض مناطق العالم النامي أو ما يسمى بالثالث تشهد نوعا من الازدهار”.

مشاركة :