"مانيكان" مسلسل كويتي تشابك فيه عمق المحتوى بطرافة الفكرة | ناهد خزام | صحيفة العرب

  • 6/27/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أحداث كثيرة ومتشعبة يحملها المسلسل الكويتي “مانيكان” المعروض حاليا على شاشة “أم.بي.سي”، وهو مسلسل ذو طابع يميل إلى كوميديا الموقف لعل مبعثها طرافة الفكرة التي تجعل من أربع نساء يرفضن الاختلاط بالرجال بأي شكل من الأشكال. يدور المسلسل الكويتي “مانيكان” الذي عرض في رمضان المنقضي على قناة “أبوظبي” ويعاد بثه حاليا على شاشة “أم.بي.سي”، حول أسرة مكونة من أربع نساء: الأم وابنتيها والحفيدة. هؤلاء النساء الأربع يعشن في قطيعة تامة مع الرجال، ويمتنعن عن التعامل أو الاختلاط بأحدهم، حتى في أبسط الأمور. وتبدأ أحداث المسلسل بطريقة اعتيادية نتعرّف خلالها على أفراد الأسرة عن طريق أحد أفرادها، والذي يقوم بدور الراوي، ويمثله هنا الفنانة هيا عبدالسلام أصغر عضو في هذه الأسرة النسائية. تعود بنا مريم إلى عشرينات القرن الماضي كي نتعرف على السبب الحقيقي الذي دفع أفراد أسرتها إلى هذا النفور من الرجال. فبسبب التجارب الفاشلة التي خاضتها نساء العائلة منذ هذا التاريخ مع الرجال، قرّرت آخر النساء اللاتي تمثلهن هذه الأسرة تجنب هذه الصدمات والفشل بالابتعاد التام عن صنف الرجال. ومسلسل “مانيكان” من إخراج هيا عبدالسلام، أما القصة والسيناريو فللكاتبة مريم نصير. ويشارك فيه بالتمثيل كل من أسمهان توفيق وهبة الدري وعبدالله الطليحي وفاطمة الطباخ وأحمد إيراج وفاطمة المؤمن، بالإضافة إلى المخرجة هيا عبدالسلام التي تؤدّي دور مريم. الصراع بين المرأة والرجل هو الفكرة الرئيسية التي بُني عليها الإطار العام للعمل، وثمة تساؤلات مبطنة خلال الأحداث، حول إمكانية تخلي أي منهما عن الآخر والعيش من دونه، فهل يمكن أن يتحقّق هذا الأمر على أرض الواقع؟ تحمل الأحداث اللاحقة الإجابة على هذا التساؤل، وهي إجابة تقليدية بالطبع، فقد سبق وأن عولجت الفكرة نفسها في العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية، لتصل في النهاية إلى نتيجة واحدة، مفادها استحالة العيش من دون الطرف الآخر. ويضاف هذا المسلسل بكل تأكيد إلى جملة الأعمال الدرامية التي قدّمتها المخرجة هيا عبدالسلام كمخرجة وممثلة في الوقت نفسه، وهي فنانة تحمل بالفعل شغفا حقيقيا بكلا المهنتين، فهي مخرجة مميزة، قدّمت من قبل العديد من المسلسلات الناجحة، وتعد أحد أبرز الوجوه النسائية العربية في هذا المجال، كما أنها ممثلة ذات حضور كاف لنجاح أي عمل درامي. ويجمع المسلسل من جديد بين مخرجته هيا عبدالسلام وكاتبة العمل مريم نصير بعد أن قدّمتا معا من قبل عددا من الأعمال المميزة، لعل آخرها مسلسل “أجندة” الذي عُرض العام الماضي، وكان قد سبقه مسلسل “كلام أصفر” كما تعاونتا معا كذلك هذا العام في مسلسل كوميدي عُرض في رمضان تحت عنوان “رقم الحظ 7”. العمل لم يتحيّز للمرأة على حساب الرجل، بل يعرض وجهة نظر الطرفين بحيادية محاولا البحث في أسباب الخلاف وفي مسلسل “مانيكان” احتفظت هيا عبدالسلام بدور البطولة الرئيسية من خلال شخصية مريم. وذلك إلى جانب الفنان فؤاد علي في دور ثنيان، وهو فنان يسير بخطى واثقة في الدراما الخليجية أهلته كي يكون أحد نجوم الصف الأول.ويفرض هذا الصراع المحتدم بين المرأة والرجل نفسه على العلاقات بين شخصيات العمل، ما بين شدّ وجذب وأجواء مشحونة، وخلافات تتحوّل مع الوقت إلى علاقات عاطفية وصداقة. فالنساء الأربع المشار إليهنّ لديهنّ ورشة حياكة (خياطة) تعمل فيها أربع نساء أخريات، أما الشرط الوحيد للعمل في هذه الورشة فهو عدم الاختلاط بالرجال، حتى أنهنّ كتبن على باب الورشة “ممنوع دخول المأكولات والمشروبات والرجال”، هكذا تسير الأحداث بين الجد والطرافة أو الهزل أحيانا. ويحدث أن يُفتتح أحد المقاهي في الجهة المقابلة للورشة تعمل فيه مجموعة من الشباب. تحرص الجدة (أسمهان توفيق) كل الحرص على ألاّ يحدث أي اختلاط أو تعارف بين أفراد أسرتها وهؤلاء الشباب، غير أن الأمر يخرج مع الوقت عن سيطرتها. تظهر مريم هنا شيئا من التمرّد على هذا السلوك العائلي المتوارث حين تتقرّب إلى جابر (محمد العلوي) فتنشأ بينهما قصة حب غير معلنة، فلا تستطيع مريم البوح بمشاعرها تجاهه، ولا يستطيع هو الآخر مصارحتها بحبه لأسباب مختلفة، فتستغرق مريم في أحلام اليقظة، حتى تلعب الصدفة دورها في التقريب بينهما. ولا تخفي المخرجة هيا عبدالسلام أن فكرة المسلسل مستلهمة من أعمال أخرى، لكنها تؤكّد أنها حاولت قدر المستطاع تطويعها كي تتناسب مع الواقع والبيئة الكويتييين، فالعلاقة بين الرجل والمرأة التي يمثل الصراع أحد جوانبها هي علاقة إنسانية في الأساس، والفيصل هنا هو طريقة المعالجة. يشير عنوان المسلسل في جانب منه إلى عمل الأسرة في مجال الأزياء، لكنه يحمل كذلك دلالة تتعلّق بفكرة الكمال، الذي يبحث عنه كلا الطرفين (الرجل والمرأة) في الآخر، فلا يوجد إنسان كامل أو ذو مواصفات قياسية مثل “المانيكان”. ويتطرّق المسلسل إلى عدد من القضايا الأخرى المرتبطة بالأسرة والمجتمع الكويتي كالعنف الأسري والطلاق والتفاوت الاجتماعي، وقضايا النسب والجنسية، وهو لم يتحيّز للمرأة على حساب الرجل، إذ يعرض وجهة نظر الطرفين بحيادية تامة محاولا البحث في أسباب الخلاف ودوافعه بينهما. ومن المآخذ التي طالت العمل استغراقه في التفاصيل وامتلائه بالأحداث المتشعّبة والفرعية، ما أفقد المشاهد التركيز على الخط الرئيسي للعمل، كما أن بعض أحداثه شابتها الهشاشة في دوافعها، كالجانب المتعلق بدور الفنانة هبة الدري مثلا، والتي تتحرّك شخصيتها من النقيض إلى النقيض من دون أسباب منطقية. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :