إبداعات البوابة| المرايا قصة قصيرة لـنهى جلال

  • 6/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الجميع مدينون الآن، وها هي الحقيقة تتضح، لم يفلتوا تلك المرة ولكن كيف؟ فالمواجهة باتت مستحيلة، ليست مجدية بمعنى أدق، وها أنا هنا الآن، أجلس لأعيد ترتيبت المشاهد بدون حذف أو تعديل وكعادتي أشعل سيجارة وأجلس في ثبات عاقدة شعري بدون مكياج، وأمامي المرآة أنظر إليها جيدًا، جميع التفاصيل محفورة داخل مُقلتي، وتلك الهالات تسترسل في الحديث، وعلى شفتاي مطبوعة ذكريات، وتلك الخطوط الرمادية التي تقتحم مقدمة شعري خاصة، تتساقط منها مأساة، وجنتاي تظهر عليها الآن أثار الصفعات، جميع الكفوف تتحدث بأسماء أصحابها بات وجهي لوحة عريضة لجميع من مروا هنا، هل أحدثهم؟ ألقي عليهم عبارات اللوم والتعب؟ أم أتركهم يتحدثون؟ سأتركهم لم أدخل في صراع معهم الآن أو حتى لاحقا، اليوم أنا مستمعة فقط عيناي الآن تتحدث عن ضعفي وانهزاماتي فهي كعادتها لامعة، ولكن تلك اللمعة ليست سوى بقايا من قوة احتمال، خذلان، دموع أبت أن تتساقط، ربما؟ وبدلا من أن تتحدث تحولت إلى أرصفة وطرقات وأماكن وأشخاص، وكأنها تذكرني بأدق التفاصيل هل أغمضها الآن؟ لا يجوز أن أبتلع كل تلك التفاصيل، لقد حان الوقت أن ألفظها تلك الهالات تشهدني الآن على كل الليالي التي عاندني فيها النوم برغم جميع المحاولات البائسة، وجنتاي تحتلها صفعات ووجوه تلتفت إلى وتضحك باستفزاز وشماتة، شفتاي لا تنطق برغم جميع محاولاتي ولكنهم يبكيان بفتور وخذلان، تلك الخطوط الرمادية التي تشعل رأسي، تحدثني عن تلك الكوابيس اللعينة تذكرني بالصراعات والمأساة التي لازمتني نصف عمري تقريبا عن الطرقات المظلمة التي كانت تسير في اتجاهي وليس العكس عن عدد المرات التي كنت أستيقظ وأنفاسي تتصارع قبل أن أسقط من الهاوية عن جميع الموتى الذين طاردوني في أحلامي ليلحقوا الأذى بي دون مبرر.. انظر إلى المرآة، وتنظر إليَّ، وتلتهمني الآن..

مشاركة :