سوء الأوضاع اليمنية يحرك جهود السلام الدولية | | صحيفة العرب

  • 7/7/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الحراك الجديد الذي بدأه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث بالتعاون مع جهات إقليمية ودولية، لا يحمل إلى حدّ الآن أي سمات اختلاف عن التحرّكات الأممية المتواصلة منذ سنوات لإيجاد حلّ سلمي للملفّ اليمني الشائك، وذلك على الرغم من وجود مستجدّات كثيرة تحفّز على الإسراع بإنهاء النزاع الدامي في البلد والتفرّغ لمواجهة أخطار كبيرة تداهمه وتهدّد مصير شعبه. عدن – عاد مارتن غريفيث المبعوث الأممي إلى اليمن للظهور في خلفية المشهد اليمني المعقّد، في ظل أسئلة عن مدى فاعلية جهوده في وقف الصراع الدامي بالبلد وقدرته على تخطّي أسلوب ردّ الفعل على التطورات والذي جعل دوره أقرب إلى دور المراقب للأحداث، بدل أن يكون فاعلا في تطوّرها بالاستناد إلى قوّة القانون الدولي وإرادة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وخصوصا منها الفاعلة في مجلس الأمن التابع لها. وبينما دار الحديث عن طرح غريفيث لـ”مسودّة معدّلة” لحلّ شامل للنزاع اليمني يتضمّن جوانب سياسية وإجراءات عسكرية (وقف إطلاق النار) إضافة إلى تدابير إنسانية واقتصادية، بدا أنّ المبعوث الأممي غير قادر على مجرّد تجاوز القضايا الإجرائية وفي مقدّمتها جلب الفرقاء مجدّدا إلى طاولة الحوار وهو ما تجلّى في رفض الحوثيين لقاءه حينما زار العاصمة العمانية مسقط مؤخّرا. ويشارك غريفيث حراكَه الجديد الذي انطلق قبل أيام دبلوماسيون غربيون أجروا مباحثات مع أطراف محلية وإقليمية ضمن جهود دولية رامية إلى إقناع طرفي النزاع؛ الحكومة اليمنية والحوثيين، بترك السلاح والعودة إلى طاولة المفاوضات. ويبدو أنّ الدافع الأساسي وراء تلك التحرّكات الدبلوماسية، هو ما بلغته الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في اليمن من سوء، خصوصا مع مداهمة وباء كورونا للبلد عديم الإمكانيات في مجابهته. كما جاءت تلك التحركات المكثفة أيضا لاحتواء التوتر والتصعيد العسكري الكبير الذي يشهده اليمن منذ أسابيع، والذي تصاعد بالتزامن مع جولة غريفيث وسط اتهامات متبادلة من قبل الحكومة اليمنية والتحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، بشأن المسؤول عن هذا التصعيد. وأعلن التحالف العربي، الخميس الماضي، تنفيذ عملية نوعية ضد أهداف عسكرية بمحافظات يمنية عدة تقع تحت سيطرة الحوثيين أبرزها العاصمة صنعاء ردا على إطلاق الجماعة صواريخ بالستية وطائرات مسيرة على أهداف داخل الأراضي السعودية. جهود المبعوث الأممي إلى اليمن تترافق مع تحركات تقوم بها الدبلوماسية الأميركية والبريطانية لوقف إطلاق النار وزار غريفيث مطلع الأسبوع الماضي العاصمة السعودية الرياض لبحث الأزمة اليمنية مع الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس مجلس الوزراء معين عبدالملك، إضافة إلى رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وممثلين عن أحزاب يمنية. كما التقى بمسؤولين من دول جوار اليمن حيث عقد مباحثات في الرياض مع وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، وبحث في مسقط مع وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي مستجدات الأزمة. وفي مجمل اللقاءات، شدد غريفيث على ضرورة الحل السياسي للأزمة، وأن اليمن بحاجة إلى السلام أكثر من أي وقت مضى، مطالبا بضرورة العمل على وقف إطلاق النار. وتعتبر هذه شعارات عامّة صالحة للاستخدام مع أي نزاع مسلّح في العالم، وقد تكون انعكاسا لخواء جعبة المبعوث الأممي من مقترحات وحلول عملية للأزمة اليمنية. وفي أبريل الماضي دعت الأمم المتحدة أطراف النزاع في اليمن إلى وقف إطلاق نار شامل، واستئناف عاجل للعملية السياسية، دون استجابة لدعوتها حتى الآن. وتتزامن تحركات المبعوث الأممي مع لقاءات دبلوماسية أخرى، أجراها سفيرا الولايات المتّحدة وبريطانيا إلى اليمن، كريستوفر هنزل ومايكل براون اللذان بحثا مع مسؤولين يمنيين في الرياض سبل العمل على إنجاح الحل السياسي ووقف إطلاق النار. وأمام التصعيد اللافت في النزاع المسلّح خلال الأسابيع الماضية، يبدو أنّ هناك صعوبة كبيرة في إقناع الأطراف اليمنية بالعودة إلى طاولة المفاوضات من قبل المبعوث الأممي الذي لم تستجب له الأطراف بخفض التصعيد ولو أثناء فترة قيامه بهذه الجولة من المباحثات. وأكثر الصعوبات التي تواجه طريق المبعوث الأممي هي التباينات الكبيرة في وجهات النظر لدى طرفي الأزمة، فكل طرف لديه قناعته الخاصة التي يظن أنها المخرج الوحيد لحل الصراع، ويرى أن تقديم أي تنازلات يعد ضعفا وعجزا سياسيا وعسكريا. وتشترط جماعة الحوثي ضرورة وقف ما تسميه “العدوان والحصار” في إشارة إلى عمليات التحالف العربي ضدّ مسلّحيها، قبل الدخول في أي جولة مفاوضات أممية. كما تشدد على رفضها الكامل للمرجعيات التي تطالب الحكومة الشرعية بأن تستند عليها أي مفاوضات مقبلة، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن الدولي خصوصا القرار رقم 2216 الذي ينص في أهم بنوده على انسحاب الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها وترك السلاح. وتؤكد السلطة اليمنية المعترف بها دوليا على أنها مستعدة للذهاب في جولة جديدة من المفاوضات، إذا ما تم الالتزام بتلك المرجعيات، محمّلة الحوثيين مسؤولية عرقلة التوصل إلى السلام، وأنهم لا يرغبون في تحقيق الحل للأزمة. ووسط الاتهامات المتبادلة بين الشرعية اليمنية المدعومة وجماعة الحوثي، لم تستطع الأمم المتحدة ومجلس الأمن إحراز أي تقدم سياسي حقيقي في الأزمة اليمنية خلال السنوات الماضية، رغم إصدار العديد من القرارات المتعلقة بتطبيق الحل السياسي وفرض عقوبات، ومطالبة الحوثيين بسحب قواتهم، وحظر توريد الأسلحة إليهم. ولم يستطع غريفيث إلا أن يجمع الأطراف اليمنية في مشاورات بالعاصمة السويدية ستوكهولم، في ديسمبر 2018 اتفقت الشرعية والحوثيون خلالها على حل ملفات عدة بينها أزمة مدينة الحديدة، وتبادل الأسرى بين الطرفين والوضع الإنساني في مدينة تعز الواقعة بجنوب غرب اليمن والمحاصرة من قبل الحوثيين. وحتى اليوم لم يتم إحراز أي تقدم فعلي في تطبيق اتفاق ستوكهولم وسط اتهامات متبادلة من قبل طرفي النزاع بشأن عرقلة التنفيذ ما يجعل المهام الدبلوماسية الأممية تواجه الكثير من العقبات.

مشاركة :