يشعر الفنان الشعبي المصري أحمد سعد بالسعادة عندما يوجّه له الجمهور الشكر على أغنية قدّمها منذ عشر سنوات، وهو الذي في سجله العديد من الأغاني التي بقيت محفورة في ذاكرة البسطاء الذين يعبّر عنهم من خلال أغانيه سواء الشعبية أو الرومانسية أو الدينية. القاهرة - يعتبر الفنان الشعبي المصري أحمد سعد من أكثر المطربين الذين أثاروا الجدل في الفترة الأخيرة على المستوى الشخصي بعد مشكلاته مع طليقتيه الفنانتين ريم البارودي وسمية الخشاب، والتي وصلت إلى المحاكم، أو على المستوى الفني خلال أزمته مع نقابة الموسيقيين بغناء دويتو “100 حساب” مع المطرب الشعبي حسن شاكوش دون حصول الأخير على تصريح من النقابة، ما تسبب في وقف الأغنية لأجل غير مسمى، على الرغم من الإعلان عنها. “العرب” التقت الفنان صاحب الصخب الدائم، والذي يراه البعض من النقاد أن انشغالاته بأمور بعيدة عن الفن أثّرت على وضعه بين المطربين ذي الأصوات المميزة، وفتح سعد صدره للحديث عن الجوانب الفنية رافضا التطرّق إلى الأمور شخصية، نافيا تأثيرها على حالته الطربية التي اعتاد الظهور بها. قال أحمد سعد في حواره مع “العرب”، إنه لا يقصد إثارة أي أزمة مع نقابة الموسيقيين برئاسة الفنان هاني شاكر الذي يكن له كل الاحترام والتقدير، وبالتالي لن يغضبه فهو مع قراره الذي ينصّ على عدم غناء مطربي المهرجانات وليس لهم الحق في مزاولة المهنة لعدم حصولهم على عضوية النقابة، وعلى الفور قام بتأجيل الدويتو الذي يجمعه مع شاكوش. وأوضح أن حسن شاكوش من الفنانين الذين يحبهم على المستوى الشخصي، فهو ابن بلد ومحترم، مضيفا “كنا قد انتهينا من الدويتو منذ فترة قبل حدوث المشكلات الأخيرة بين نقابة الموسيقيين وشاكوش، حيث رفضت الأولى منحه تصريحا بالغناء”. 100 حساب طالب أحمد سعد بضرورة مراعاة أن أغاني المهرجانات لها جمهور عريض وتحقّق صدى واسعا، فهناك الملايين الذين يستمتعون بها دون إسفاف، لأنها أغاني تدخل البيوت ويسمعها الأطفال الذين يكرّرون الكلمات دون أن يعرفوا معناها، ما يتسبب في خدش حياء المستمع. وأضاف أن فكرة الدويتو التي جمعته مع حسن شاكوش جاءت من هنا، حيث أراد تقديم موسيقى المهرجانات التي يحبها الجميع مع وجود كلمات ذات معنى ولحن جيدين، لتقديم خلطة أحمد سعد وشاكوش في قالب جديد وجذاب. وأغنية “100 حساب” من كلمات محمود خليفة وألحان أحمد سعد وتوزيع موسيقي لإسلام شيبسي، وبمجرد الإعلان عنها لقيت تجاوبا من عدد كبير من المتابعين لهذا اللون من الأغاني الشعبية. يملك المطرب أحمد سعد خامة صوت مميزة، حسب رأي الكثير من النقاد، لكن البعض يرون أن خامة صوته تليق بالثيمة الشعبية التي يعترف بأنه يجيدها، لكن هناك من يفهمون هذه الكلمة بشكل خاطئ، وبالتالي يحدث خلط في المفاهيم بين اللون الشعبي ومطربي مهرجانات الإسفاف الذين أطلق عليهم البعض اسم “مطربين شعبيين”. أشار سعد في حواره مع “العرب”، إلى أن المطرب الشعبي من يحبه الشعب، ويقترب منه، مثل المصري الراحل سيد درويش، ليتغيّر المفهوم بعد ذلك حيث أصبحت هذه الكلمة تقال على جميع مطربي المهرجانات، ما جعلها تؤدي إلى ضيق كبير لدى البعض، وأصبحت مرتبطة بمفهوم الإسفاف. الفنان المصري تخصّص في غناء تيترات المسلسلات والأفلام التي عوّضته بعض الشيء عن غياب ألبوماته الغنائية قدّم أحمد سعد ألبوما دينيا بعنوان “يا رب” يضم 8 أغنيات دينية هي “زوار المقام”، “على الله وبس”، “مركب نور”، “عالم بحالي”، “مليون باب”، “طمعان في كرمك” و”سبع سماوات”، من كلمات محمد نبيل الشريف، وألحان كريم نيازي، وتوزيع محمد عاطف الحلو، وأما أغنية “ارزقني الثبات” فهي من كلمات مرو مغربي وألحان أحمد سعد وتوزيع محمد عاطف. وأكّد سعد لـ”العرب”، أنه يفضل اللون الغنائي الديني الذي يعبّر عن البسطاء، لكنه يقول “أنا مطرب شامل أستطيع غناء كل الألوان”، فطبقة صوته تساعده على ذلك، وهو يحرص على أن يكون قريبا من المواطنين، وذلك بالتعبير عن مشاعرهم من خلال أغنياته. ورغم أهمية أغانيه الرومانسية يشعر سعد بقيمة أكبر للأغاني التي تتعرّض لحال الكثير من البسطاء، فمثل هذه النوعية من الأغاني تعتبر أكثر واقعية، كما أن تناول القضايا المتعلقة بهؤلاء تظل راسخة في الوجدان طوال العمر، أما تلك التي تتناول وقائع لحظية فلا تبقى كثيرا غالبا. ويسير أحمد سعد بخطوات بطيئة مقارنة بأبناء جيله، لكن عندما يطرح أغاني تحقّق نجاحا كبيرا، حيث قدّم أكثر من 8 أغنيات في مسلسل “البرنس”، بطولة محمد رمضان، الذي عرض في رمضان الماضي، مثل أغنية “كبرتي”، و”أدي اللي كان عايش لغيره والزمن قواه”، و”هدور هقلب الدنيا عليكي يا قلب أبوكي”. كانت لأحمد سعد تجارب سينمائية محدودة ولم يواصل الجمع بين التمثيل والطرب، واختار التركيز على النوع الأخير، بعكس شقيقه الفنان عمرو سعد الذي أصبح أحد أهم الممثلين والنجوم في مصر حاليا. وقال إنه لا يوجد أسهل من طرح أغان كثيرة في وقت واحد، وهذا ليس من طموحاته، فالمهم بالنسبة إليه ألاّ يطرح عشر أغنيات بل يقدم أغنية واحدة تعيش مع الجمهور لفترة طويلة، وهذا في نظره الفرق بين الأغاني التي يقدّمها وبين أغان أخرى يتم طرحها وتحقّق صدى واسعا، ثم تختفي بعد شهر، ولهذا يشعر بالسعادة عندما يوجه له الجمهور الشكر على أغان قدّمها منذ عشر سنوات، وعاشت مع جمهوره، وهو يعتبر أن ذلك هو رأس ماله الحقيقي. مرحلة حرجة قال أحمد سعد في حواره مع “العرب” “من الممكن أن أكون متأخرا في طرح ألبومات، مع أن هذا ما أخطّط له خلال الفترة المقبلة، لكنني أعوّض ذلك بأغاني الدراما في المسلسلات والأفلام، وهي تحقّق نجاحا من نوع آخر يجعلني لا أشعر بالغياب، مثلما حدث في الموسم الرمضاني الماضي الذي قدمت فيه 11 أغنية دفعة واحدة، هذا إلى جانب أغنية ‘خليك بالبيت’ التي طرحت بالتزامن مع انتشار كورونا، ثم أحصل على راحة كي يشتاق الجمهور لي”. معروف أن وضع السوق الغنائي حاليا غير مستقر بعد جائحة كورونا التي تسبّبت في إلغاء جميع الحفلات الفنية وعدم طرح أغان جديدة، لكن بدأ البعض ينوي طرح الأغنية “السينغل” التي انتشرت في الفترة الأخيرة. ولفت سعد في حواره مع “العرب”، إلى أن المطربين اعتادوا على تقديم ألبومات كل عام، واضطروا مع تناقص مبيعات “السي دي” وعدم تحقيق أرباح مادية إلى الاتجاه لسماع الأغاني على يوتيوب، وكان لا بد من إيجاد سوق جديد ليعمل الجميع، وتم فتح السوق الرقمي الذي أتاح للجميع سماع الأغاني عبر الإنترنت. ويقوم كل شخص يجد صوته مميزا بطرح أغنية، ما أدّى إلى حدوث طفرة في سوق الأغنية، والعبرة في تقدير الناس، حيث يفهمون بعد ذلك أنه مع كل طفرة تكنولوجية تحدث أشياء عشوائية، وستتم “فلترة” ذلك كله خلال الفترة المقبلة. وأوضح أن المطربين تكاتفوا حاليا لتقديم أغاني “سينغل أو لايف” حتى تمر هذه الفترة بخير، ومع بدء عودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا سينتعش الفن والطرب، فدار الأوبرا المصرية فتحت أبوابها وقرّرت إقامة حفلات مع الالتزام بنسبة الحضور 25 في المئة والتباعد الاجتماعي وتعقيم المسارح. وشدّد أحمد سعد على اشتياقه لحفلاته الفنية وأفراحه، حيث تعدّ هذه الفترة أطول مدة لم يقدّم فيها حفلات مباشرة، وهو الذي اعتاد اللقاء مع جمهوره دائما في حفلات الصيف، لكن مصلحة البلد وصحة الجمهور أهم من ذلك. وكشف لـ”العرب”، أنه لم يغب عن تقديم الألبومات، فلا توجد مشكلات تواجهه لأنه يحقّق مكاسب عن طريق الديجيتال، وطالما هناك عائد فالأمور جيدة، لأن الأغنية يتم حاليا سماعها بطرق كثيرة وجديدة، وهناك مطربون يقومون بإنفاق مبالغ بسيطة على أغنياتهم وبجهود ذاتية ويكون العائد لهم فقط، أما هو فلا يفعل ذلك، حيث أن أغنياته تتطلّب الاستعانة بأدوات موسيقية متعددة ومتخصّصين، ويحتاج إلى ميزانية ضخمة كي يقدّم أغاني لها قيمة ومعنى عند الناس.
مشاركة :