الفنان عمرو قابيل من الفنانين القلائل في عالمنا العربي، لديهم الاهتمام الكافي بالثقافة، وما تتضمنه من رؤى إنسانية خلاقة، كما أن قابيل خاض الكثير من التجارب الفنية خصوصا فن المونودراما، بالتعاون مع الكاتبة الكويتية الدكتورة هيفاء السنعوسي، ومن أجل الوقوف عند هذه التجارب الفنية والثقافية المثمرة أجرت «الراي» مع الفنان عمرو قابيل حوارا تحدث فيه عن الكثير من المحطات المؤثرة في حياته، وكذلك عن تعاونه مع الكاتبة الدكتورة هيفاء السنعوسي، والكثير من المواضيع، في هذا الحوار الذي نورد إليكم نصه: • كيف بدأت علاقتك بأدب وكتابات الدكتورة هيفاء السنعوسي؟ - من خلال كتاب «نقوش على وجه امرأة» والذي عرضه عليّ أحد أعضاء فرقتنا المسرحية وهو الفنان محمد الطاروطي، والذي كان بصدد اخراج أحد النصوص المونودرامية بالكتاب، ومنها انجذبت بشدة لكتابات الأديبة والكاتبة الكويتية العربية المهمة الدكتورة هيفاء السنعوسي، حيث أثارني بالفعل قدرتها على الخوض في أعماق النفس الإنسانية، بهذا الكم من التفاصيل، والمشاعر الإنسانية الحقيقية والصعبة أيضا. • لماذا اخترت فن المونودراما؟ - هو توجه عام لمؤسستنا الخاصةـ مؤسسة فنانين مصريين للثقافة والفنون- منذ ما يقرب من عامين تقريبا، حيث قدمنا أكثر من عمل ينتمي إلى فن المونودراما، وتم عرض هذه الأعمال في مهرجانات ومناسبات مختلفة داخل وخارج مصر، حيث شاركنا في مهرجانات للمونودراما بالمملكة المغربية وكذلك بجمهورية تونس الشقيقة. وقد اهتممنا بهذا الفن لأنه فن مسرحي صعب من حيث التناول لكل مفردات العمل الفني، من الكتابة إلى الإخراج إلى التمثيل، فهو فن يحتاج دائما إلى حلول غير تقليدية، حيث يختزل تعدد الشخصيات الدرامية ويجعلنا نراها من خلال عالم الشخصية الرئيسية للنص، فنرى صراعا من نوع مختلف بطرق دائما مختلفة ومبتكرة تثير الخيال الفني، هذا بالطبع إلى جانب المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق الممثل الذي يتعرض لأحد نصوص المونودراما، حيث يكون مطالبا ـ وحده تماماـ أن يسيطر على الجمهور من خلال أدائه، فهو الوحيد المنوط بتوصيل رسالة العرض إلى المتلقي. • ما سر اختيارك لمونودراما (ضباب لا يحجب الرؤية) تحديدا لتقديمها ؟ - الحقيقة أنني كنت بصدد عمل آخر من كتاب (نقوش على وجه امرأة) وهو مونودراما (هذيان عاقل) وبعد اتصالات عدة ومناقشات مع الدكتورة هيفاء السنعوسي، عرفنا أنها بصدد إقامة حفل توقيع لكتابها الأخير (وجوه لا تعرف الضوء)، وقد اقترحت هي أن أشارك في حفل التوقيع بتقديم أحد نصوص الكتاب، وبالفعل كنت في منتهى السعادة لهذه الدعوة الكريمة، ورشحت لي الدكتورة هيفاء نص (ضباب لا يحجب الرؤية)، وعندما قرأته لأول مرة شعرت وكأن شيئا ما في هذه الشخصية يمسني بشدة، وشيئا فشيئا انجذبت بشكل لا إرادي إلى عالم هذه الشخصية الثري جدا على المستوى النفسي والفكري، فأرسلت للدكتورة وأخبرتها بأنني على أتم الاستعداد لتقديم هذه المونودراما في حفل توقيع الكتاب، وبالفعل بدأت البروفات بالقاهرة، وتم العرض في كلية الآداب جامعة الكويت، وأذهلني الحضور الرائع للجمهور، وكذلك استقباله للعرض الذي أعترف أنه فاجئني تماما نظرا لصعوبة النص وعمق فلسفته. • ما الصعوبات التي واجهتك في اخراج هذا العمل؟ - الصعوبة الحقيقية تكمن في أنني لأول مرة أكون ممثلا ومخرجا لعرض (مونودراما)، وهي مغامرة حقيقية أقدمت عليها، فممثل (المونودراما) خاصة إذا كان النص ينتمي إلى المسرحي النفسي (السيكودراما)، يكون بحاجة دائما إلى مخرج يوجهه، ويراه بعين فاحصة ليقود قدراته وملكاته المختلفة ليصل به إلى حالة العرض، كذلك وجود المخرج يكون مطمئنا جدا للممثل في هذا النوع من العروض، أما أن أكون أنا الممثل والمخرج في نفس الوقت فقد أدى هذا الأمر إلى اصابتي بتوتر شديد قبل العرض وقلق أدى إلى تأثري صحيا بالفعل بسبب تصاعد حدة هذا التوتر الذي تلاقى مع التوتر والهوس ومشاعر القلق التي تمر بها الشخصية ضمن أحداث العرض... وبالفعل يمكنني أن أقول أن هذه الشخصية من أصعب الشخصيات التي أديتها في حياتي الفنية، وهو بالمناسبة أمر أسعدنى جدا بعد أن رأيت رد فعل الدكتورة هيفاء، وكذلك جمهور العرض. • كيف تقيم تجربة التعاون مع أديبة كويتية مثل الدكتورة هيفاء السنعوسي؟ - أعتقد أنه التعاون الأول من نوعه على مستوى مصر والكويت، ومن وجهة نظري خصوصا بعد نجاح العرض وعلى مستوى الوطن العربي. فقلما نجد ثنائيا عربيا متفاهما مثلما حدث في حالتي كممثل ومخرج مستقل، وأديبة أكاديمية متخصصة تتميز كتاباتها وعوالم شخصياتها بهذه الدقة والعمق والفلسفة مثل الدكتورة هيفاء السنعوسي. فأنا بالفعل سعيد جدا وفخور بهذه التجربة المهمة والأولى من نوعها، وأرى أنها تجربة ناجحة جدا ومهمة، خصوصا في هذا التوقيت الذي تحياه بلادنا وأوطاننا العربية. فما أحوجنا إلى التواصل وتعميق وتأصيل لغة الحوار والتعاون بين شعوبنا، لاسيما إن كان هذا التعاون من خلال أعمال ثقافية وفنية جادة تحترم عقلية المشاهد وتؤثر في فكره ووجدانه. • هل من مشاريع قادمة بينك كمخرج وبين الدكتورة هيفاء السنعوسي ككاتبة؟ نعم بالفعل، فقد تحدثنا أنا والدكتورة هيفاء في هذا، وبالفعل أبدت موافقتها على مشروعي الذي طرحته عليها، والذي يعتمد على ثلاثة محاور رئيسية. المحور الأول عبارة عن تقديم مجموعة من المسرحيات المونودرامية من كتابها الأخير (وجوه لا تعرف الضوء) يعقبها لقاءات مفتوحة مع الجمهور حول تأثره بشخصيات العروض. المحور الثاني هو قراءات نقدية من خلال متخصصين بالطب النفسي، وبالنقد الفني. المحور الثالث وهو الإعداد لجولة كبيرة للمشروع في محافظات مصر، ثم عرضه بالكويت، وكذلك أطمح إلى عرضه ببعض المهرجانات الدولية المهتمة بفن المونودراما. • ما الرسالة التي ترغب في توجيهها ولمن؟ الرسالة أوجهها إلى معالي وزير الإعلام ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان حمود الصباح حيث أتمنى أن يرعى معاليه هذا المشروع الفني الثقافي، الذي يعطي نموذجا حقيقيا للتعاون الثقافي العربي على أرض الواقع بعيدا عن الشعارات التي نسمعها كثيرا من دون أي تأثير حقيقي، ومما سمعته وعرفته عن معالي الوزير فأنا أثق أن رعايته للمشروع ستعطي له ثقلا وأهمية على مستوى العالم العربي كله، وفي النهاية فإن المستفيد الأساسي هو الجمهور الكويتي والمصري والعربي في كل مكان.
مشاركة :