“وجبة صحية لزواج معافى” بقلم الكاتبة الصحفية/ ناهد رطروط: ما زال الزواج إلى عصرنا الحالي مفتاح الخيال وبوابة الأحلام لمعظم الفتيات لأرضٍ يرين أنفسهن فيها ملكات وصاحبات الكلمة العليا. أما بنظرةٍ واقعية فالزواج هو أساس بناء المجتمع، فإذا كان هذا الأساس متيناً بُني عليه مجتمع قوي متين، ونظراً لهذه الأهمية وُجِدت العديد من الكتب والمقالات والدراسات والمحاضرات التي تضع أسس للحياة الزوجية السليمة والصحيحة. إذن لماذا ينهش الطلاق حياة الأسر دون رحمة فيفتت الأسرة ويشرد الأطفال؟ -بغض النظر عن أننا شعبٌ لا يقرأ- فالنظريات والكتب لا تعمر بيت لأنها غالباً نظريات خرجت من أبراجٍ عاجية كتبتها أيدي علمية بحته فتبرأت من الواقع. من وجهة نظري أهم أسباب الزواج المعمر هو الغذاء الجيد للعلاقة الزوجية ومن أهم مكونات هذا الغذاء بروتين الاحترام وفيتامين الإخلاص ومعادن الحب وحبوب الاهتمام فالحياة الزوجية التي تتناول وجبة غذائية متكاملة هي الأوفر صحة والأطول عمراً. ولكن ماذا إذا كانت الوجبة الزوجية تعاني من نقص بعض غذاء؟ ماذا لو أصابها فقر الإخلاص فكان الزوج خائناً في الوضع الطبيعي تموت هذه العلاقة، ولكن لأن مجتمعنا يربط المرأة بأغلال تضع مسؤولية عمارة هذا البيت على رأسها وحدها، يتم إدخال تلك العلاقة إلى غرفة الإنعاش ويصبح المجتمع هو الطبيب الذي يحاول إنعاشها فيبدأ بجهاز إنعاش القلب والذي يوجه للمرأة لصعق مشاعرها فأول صعقة انظري لأطفالك وكيف سيتشردون، وتتوالى الصعقات بدءاً من المرأة الذكية لا تترك زوجها لغيرها. وبعد الطلاق ماذا ستفعلين؟ وكيف ستعيشين؟ وماذا سيقول الناس؟ وتستمر الصعقات إلى أن ينتعش عقل المرأة ويقتل قلبها ومشاعرها وتقبل بالعودة لحياةٍ ناقصة موحشة مؤلمة وعندها يتركها الطبيب لتعاني من ذلك الوحش الذي يغتصب بنات أفكارها كل دقيقة لتفكر بكل لحظة من يكلم زوجها؟ مع من يخرج؟ هل هو حقاً في العمل؟ ليبدأ مسلسل جديد بطلته الزوجه النكدية عديمة الثقة بنفسها التي تسعى لتدمير حياتها وإفسادها وتدخل تلك العلاقة في غيبوبة ونفس الطبيب الذي أنقذ تلك العلاقة عندما حاول قتلها الزوج هو نفسه من يسعى لإيقاف الأجهزة التي تمد تلك العلاقة الميتة بالحياة، فينزع الحقنة التي تغذي الشريان الرئيسي بقوله أعانك الله على تلك المرأة، لماذا لا تتزوج؟ فالشرع حلل لك، ومن حقك أن تعيش مع زوجة بشوشة تنعش حياتك وتحيي قلبك -سبحان الله – أما إذا نقص هرمون الاحترام فالكارثة ليست أقل، فكيف لامرأةٍ تُهان وتُذل لأتفه الأسباب أن تربي جيلاً واعياً وسليمًا جسدياً ومعافى أخلاقياً؟ كيف لهذا الأب أن يكون قدوةً لأبنائه؟ وكم من الوقت تستطيع تلك المرأة الصمود أمام ذلك الغزو على كرامتها ومشاعرها وتقديرها؟ كم تحتاج تلك العلاقة قبل الدخول إلى غرفة الإنعاش وليعود نفس الطبيب لإنعاش تلك العلاقة الميتة بتوسيع شرايين الخضوع وتسييل دماء الكرامة لدى تلك المرأة. وليبدأ مسلسل جديد لا يختلف كثيراً عن سابقه، ولكن أبطال المسلسل هنا هم إهمالها في أناقتها وعدم ثقتها في نفسها وشخصيتها المهزوزة وكآبتها وغير ذلك، ليعود نفس الطبيب بنفس العلاج. جميعنا نرى يومياً مثل تلك الجرائم التي تُرتكب في حق الأطفال والنساء والمجتمع بأكمله. من العناصر الغذائية التي لا تقل أهمية الحب والاهتمام فبدونهما يتحول الزواج إلى مقبرة يتجول فيها أشباح الزوجين بلا سكينة أو طمأنينة أو حياة، فحتى الورود تموت بلا اهتمام، فالحب روح الحياة الزوجية وهو الملاك الحارس الذي يحول دون انهيار تلك الحياة وتدميرها وهو الدافع ليحتمل كلا الطرفين مصاعب الحياة وتحدياتها، إلا أننا لا يجب أن ننسى أن الاهتمام روح الحب فبدونه يبات الحب بلا حياة ولا معنى، والحب دون اهتمام حب مدفون في قلب صاحبه لا يشعر به سواه كالماس المدفون في التراب لا يعرف به أحد كلاهما قيم وثمين لكن عندما يخرج للنور. كما تحتاج الحياة الزوجية لوجبةٍ غذائية متكاملة لعمرٍ مديد فهي بحاجة أيضًا للحماية من بعض الأمراض التي قد تضعفها مثل فايروس البخل وفطريات الأنانية ونزلات الحقد وعدم التسامح في بعض الأمور وسرطان الندية والتعامل بالمثل واحدة بواحدة فتتحول الحياة إلى صراع والمنزل لحلبة ملاكمة وهدف كلا الملاكمين الانتصار على الآخر. وأخيرًا: لا بد لنا من الاهتمام المشترك بتقديم وجبة غذائية صحية ومتكاملة لحياةٍ زوجيةٍ صحية وصحيحة لعمرٍ مديد لا يتمنى أي من أطرافها أن يزورها ألزهايمر لينسى مآسيه بل يحصن تلك الذاكرة دائماً بأجمل الذكريات التي تضيء كالنجوم في سماء تلك العلاقة لتنير درب أطرافها دائمًا.كتب في التصنيف: مقالات كتاب بلادي تم النشر منذ 3 ساعات
مشاركة :