تلومني الدنيا …الكاتبة الصحفية / ناهد رطروط

  • 10/13/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ماهو عمر الإنسان؟ هل هو تلك الأرقام المدونة في وثائق تعريفه، كجواز السفر وبطاقة الهوية؟ أم هو تراكم خبراته التي استطاع حصدها على مر السنين؟ أم هل هو كما يقول الرمانسيون والحالمون هو لحظات السعادة والحب التي حظي بها الإنسان في حياته؟ أم هل هو بقدر ما مر على الإنسان من آلام و خيبات كما يقول كبارنا فكثيراً ما نسمعهم يقولون أن المصائب تشيب الولدان وتكبر المرأ قبل الأوان، وقد يقول من يمر بأزمة أنه كبر في تلك الأزمة عشر سنين. من الطبيعي أن يتقدم الإنسان بالعمر فيولد طفلا ثم يمر بمرحلة الصبا ثم يغزو الدنيا بصدر الشباب المفتوح على الدنيا بكل مافيها من مغامرات وحياة، معتقداً أنه بشبابه وإرادته قادرا على قلب الدنيا رأسا على عقب وبيده يستطيع تغيير موازيين القوى فطموحه بلغ عنان السماء وذكاءه يفسح له في المجالس وجاذبيته تعلن دوما أنه النجم أينما ذهب ومع كل هذا لديه الإرادة ليصل إلى ما يريده إذن فهي مسألة وقت، آهنعم إنه الوقت …..آه  من هذا الوقت الذي ما زال يسرقنا ويسرقنا حتى تغيرت كل الأمور من حولنا، فجأة أصبحنا نلقب بعم وخالة فجأة أصبح المراهقون يتخلون عن مقاعدهم من أجلنا ،  لا تفهموني غلط فليس لدي مشكلة في كل هذا، ولكن مهلا أين تذهبون أنا و من هم في مثل عمري ما زلنا في -عشريننا الثانية -أي أننا أصغر بكثير من شمس الأغنية العربية الرائعة نجوى كرم وأصغر من جنيفر لوبيز هل يجرؤ أحد على أن يقول لإحداهما خالة والله إنني عن نفسي لأجرؤ. بعيداً عن المزاح المؤلم هناك سؤال مهم لماذا دوماً ما نحكم على أي أحد تعدى الأربعين بأن عمره الافتراضي انتهى فيجب أن نعاقبه بأن يحرم من كل حقوقه في الحياة و بأن كل ماعليه فعله هو أن يجلس في سريره و ينتظر الموت خاصة لو كانت امرأة وتعيش في مجتمعاتنا العربية إذا أرادت أن تدرس فهي لاتجد ما تفعل ولا تعلم بما يدور حولها  (هذه آخرة الرفاهية ) إذا كانت أرملة أو مطلقة و أرادت الزواج تتهم مباشرة بأنها خلعت رداء الحياء ، إذا أحبت فقد أجرمت، حتى إذا تأنقت تتهم بأبشع التهم لكن عندما نطالع فيديوهات أجنبية من أمريكة و أوروبا ننظر بمنتهى الإعجاب ونقول هؤلاء هم الناس هؤلاء هم من يعرفون قيمة الحياة. منذ فترة قرأت على موقع فيس بوك كلمة لرجل يقول فيها : ( حبيبتي في الأربعين غضبت مني بماذا أراضيها ) كان يذكر العمر وكأنه يريد أن يكون الرد  أدفنها أو هل ما زالت تريد من يراضيها؟ وضع مبكي و كأن المرأة في الأربعين فقدت قدرتها على الحياة والحب والمشاعر وكأنها لا تستحق حتى مجرد الحياة وكأن كل دورها يقتصر على أن تكون أم  أو جدة تقف في المطبخ تعد الطعام وترعى الأحفاد و كم في هذا من ظلم وهدر لطاقات المرأة ومشاعرها فالمرأة في سن الأربعين مازالت قادرة على الإنجاب هل تعلمون معنى القدرة على الإنجاب هل أحدثكم عن القدرة الجبارة التي يحتاجها الحمل، أو القدرة الجبارة التي يحتاجها المخاض والوضع وتحمل آلامه ناهيك عن الرعاية والمعاناة في التربية ورعاية طفل رضيع صدقوني من تقدر على كل هذا لن يعجزها سواه. هذا على المستوى الاجتماعي والعاطفي أما على المستوى العملي فالكارثة إن لم تكن أكبر فهي بنفس المستوى فما من جهة عمل تقبل بتوظيف امرأة تجاوزت الأربعين أو اقتربت منها فهي كما نقول لا تصلح إلا لانتظار الموت فمهما كانت لديك من الشهادات و مهما كنت متفوقة في دراستك و مهما كانت مؤهلاتك ومواهبك متميزة ومهما كانت صحتك ممتازة ومهما كنت ذكية ستبقى تلك الأرقام في بطاقة الأحوال عائقاً دون حصولك على وظيفة و بصراحة لا أدري ما السبب قد يكون السبب خشيتهم عدم قدرتك على الاستمرار في العمل طويلا ولكن هل شباب العشرينيات مضمون بقاؤهم في الوظيفة أكثر؟ لا أعتقد لأنهم ببساطة قد يتركون الوظيفة بمجرد أن تلوح في أفقهم وظيفة أخرى بمميزات أفضل. فلا شيء في الدنيا مضمون. وأخيرا  أجزم لكم يا أبناء مجتمعنا العربي الكبير أن إبنة  الأربعين كإبنة العشرين قادرة على الحب والانجاب والعمل  والتنفس والحركة  والتعلم والذهاب للنادي الرياضي والمشي والضحك واللعب و الإنجاز قادرة على الحياةكتب في التصنيف: خبر عاجل, مقالات كتاب بلادي   تم النشر منذ 3 ساعات

مشاركة :