(زمن وسائل التقاطع) نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لهجانا ربما تكون هذه الأبيات هي افصح تعبير عن زماننا, و كأن كاتبها اخترق زمانه ونظر بعين ثاقبة لما نعيشه اليوم من الكثير من المآسي والويلات والتي صدرتها لنا وسائل التقطع والتشتت (المسماة وسائل التواصل الاجتماعي) ، والتي عملت كفجوة سربت لنا كل محظور في ديننا وفتحت أعين أجيالنا الجديدة لترى كل ما كان من محرماتنا على أنه شيء عادي فهو متاح في كل مكان إلا عندنا وصاروا يعتبرون كل شيء مباح تحت مسمى الحرية الشخصية وطالما أنه لا يؤذي أحدا فهو حر فحريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين. ولا ننسى يد الإعلام الآثمة في هذا المجال خاصة في زمن الفضائيات حيث أصبحنا نرى عبر شاشات التلفاز – ذلك المستطيل السحري الذي فتح لنا نوافذ على عوالم لم تكن في خيالاتنا حتى- مناظر تقشعر لها أبدان كل نفسٍ سوية مازالت على الفطرة التي خلقنا الله عليها، حتى ألفتها العيون وتقبلتها العقول التي طالما رفضتها، وبقي كل هذا بمثابة نقطة الماء التي ظلت سنوات تطرق الحجر حتى فتتته، فتغيرت قيمنا ومفاهيمنا وأصبح أبناؤنا يألفون ما عشنا نرفضه دائماً، فتبرمجت عقولهم وتغيرت قناعاتهم وتحدثت مفاهيمهم وتغيرت معانيها وتغيرت معها نظرتهم لكل نواحي الحياة . ابتداءاً من انغلاق الاخلاق مرورا بالانسلاخ عن تقاليدنا وخلع رداء الخجل والانفتاح على الفسق واللااخلاق بدعوى التحرر والحرية ,ووصولا لتغير مدلولات المفاهيم والقيم: خجل الفتيات لُقب بالتخلف والستركُني بالتزمت والرجعية وانتقاء الالفاظ والعطف على الصغير وتوقير الكبير فاز بلقب تعقيد بجدارة . هويتنا الاسلامية والعربية ذابت في براكين الحضارة الغربية التي قذفت حممها علينا والتطور أعمى بصيرتنا وجعلنا نمشي خلفه منومين تقنياً دون أن نميز بين خيره وشره ,بين صالحه وفاسده . بعد أن كنا أمة تنهل من علمها الامم أصبحنا أمة تضحك من جهلها الأمم. إن أشد ما يحزنني في كل هذا الخضم هو أطفالنا اللذين سارت بهم الحياة سريعا سريعا فسقطت منهم الكثير من البراءة التي تزين طفولتهم وكبرت بهم أيامهم حتى سبقوا سنين أعمارهم الغضة وليتهم سبقوها بتفتح عقولهم أو بسمو أخلاقهم بل سبقوها أو لنقل ساروا مع أيامهم في جرأة الكلام والتطاول والتفنن في السخرية حتى من أقدس علاقة على وجه الارض الامومة فرسائل المدعو كيف الحال والشهير ب(واتس أب ) تزخر بهذا المعنى حتى ألعابهم فقدت كل معاني الطفولة والبراءة فلم نعد نرى طفلة تلهو بدميتها أو طفلا يلهو بكرة يلعب بها مع أصدقائه أصلا لم نعد نرى أطفالا يتحركون ويلهون أمامنا بل كل ما يتحرك فيهم أيديهم وأعينهم وألسنتهم وكأن يد هذه الالعاب المتطورة امتدت من تلك الشاشات اللعينة لتشل حركتهم وتقتل إبداعهم وحيويتهم وتحصر تواصلهم مع البشر ليتوسع تواصلهم مع تلك الشخصيات الهلامية التي تسافر بهم لعالم يروي عطشهم بالدم ويغذي أرواحهم على الشرور ويمتع أعينهم بالقتلى ليصبح مقياس النجاح والتفوق بينهم من يقتل أكثرومع الاسف فإن خطر هذا العالم الافتراضي ينتهك حياتهم الواقعية، فأصبحنا نرى الاطفال أكثر عدوانية وشراسة , وإذا لجانا للتلفاز ومحطات الاطفال نكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، فبرامج هذه القنوات لاتقل في خطرها عن تلك الالعاب فرواد الإعلام الحديث لايهمهم سوى جمع الأموال وتكديسها حتى لو كان الضحية هؤلاء الأبرياء، نعم فالبرامج التي كانت تزرع في أطفالنا القيم الجميلة كالشجاعة والمروءة والدفاع عن الحق ومساعدة الاخرين اغتالتها مشاهد العنف ومشاهد الخذلان ، والانانية سخرت من الشجاعة والقيم حتى تنحت الأخيرة، ومن ثم أصبح الفشل أيقونة ضحك فبعدما كنا نشاهد مسلسلات تروي قصص النجاح والعزيمة والارادة والتفوق رأينا منذ بضعة سنين مسلسلا امتد لمواسم ليحكي قصة بطل مسلسل بشخصية محبوبة ومفضلة للاطفال يروي لهم بشكل أيضا محبب ومرغوب عند الاطفال قصص فشله قصة تلو الاخرى ليحكي لهم أن الفشل ليس بالسوء الذي يصفوه لنا إنما هو موضوع مقبول وطبيعي بل هو خفيف الظل!!!!! إن الحقيقة التي لايستطيع أن ينكرها أحد هي أن الاعلام وضع يده بيد التطور ليرتكبوا كل تلك الجرائم ليس بحق أطفالنا فقط بل بحق الضحية الثاتية لهم وهي الشباب . الذين أعتقد أن إحدى أكبر مشاكلهم إلى جانب البطالة والفقر وصعوبة الحصول على العيش الكريم وترسيخ مبدأ (مكيافيلي ) الغاية تبرر الوسيلة هي غياب القدوة ، فشبابنا بمن يتشبهون بفلان أو ع ممن أتشرف بعدم معرفتهم ولله الحمد أما مع فتياتنا فالقائمة أطول بكثير فجل مايفكرن به هو أنهن يردن أن يصبحن مثل فلانه أو علانة من أيقونات الفساد اللواتي يهلل لهن الاعلام ومع الاسف فهن يردن التشبه بهن بكل شيء بدءاً من عمليات التجميل التي تحولت الى عمليات تبشيع متناسيات قوله تعالى (ولآمرنهم ليغيرن خلق الله ) ناهيك عن الملابس الفاضحة التي أصبحت مقياس الانوثة والجمال ولم ينتبهن إلى أنه لو كانت الانوثة بالتعري لكانت القردة أجمل النساء وفاتنتهن,حتى وقاحتهن وجرأتهن روج لها على أنها قوة شخصية وجاذبية . ونسين أنهن حفيدات أشرف نساء الارض والتي عليهن التشبه بهن فقط لينجين في الدنيا والاخرة . يعود الفضل الكبيرفي هذا كله للاعلام الذي يروج لكل هذا الابتذال في الوقت الذي يُغيب فيه أبطالنا ونساؤنا الفاضلات وعظماؤنا الذين عندما أمسكوا بدفة العلم والتقدم وقادوا سفينة الحياة فوصلوا بالعالم أجمع لبر الامان وكانت دفتهم الأخلاق ومحركهم كتاب الله ووقودهم التمسك بالأخلاق والفضيلة . فرفقا بنا وبنفسك أيها الإعلام الأعمى البصيرة، وافتح بصرك وانتبه للهاوية التي تقود اليها أجيال بأكملها انتبه إلى انه ليس كل ما يعرض في إعلام الغرب صالح لعالمنا وقيمنا . أما أحاديث شبابنا وفتياتنا فحدث بكل حرج محورها الموضة والملابس والأماني الفارغة بالمال وحياة الرخاء, وكيف يصلون للفتيات وكيف يبتكرون برامج لهتك الستر وفضح خلق الله من برامج اختراق الأمان والوصول للصور في الهواتف النقالة والحواسيب ناسين أو متناسين أن عين الله لاتغفل ولا تنام وأن من ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الآخرة وربما نسوا أيضا كم هم بحاجة لستر الله دنيا وآخرة حتى الفتيات أصبحن يخضن في أحاديث يخجل كل صاحب أخلاق من الخوض فيها وللاسف أن هذه الحاديث لم تعد طي السرية والكتمان وبين الفتيات في خانة كلام البنات بل أصبحت تناقش جهارا نهارا أمام الغريب والقريب ومن لانعرف ولم لا !!!!! من سيعرف من هن وهن مختبآت خلف ستار الشاشات وفي ظلال الأسماء المستعارة بل مع الأسف أصبحنا نرى فتيات يبدين من زينتهن التي أمرنا الله ألا نبديها إلا للأزواج أمام كاميرات الحواسيب والهواتف واختصرت عواراتهن على الوجوه اللاتي يغطينها كي لا يعرف أحد من البشر من هن !!! ولكني أتساءل كيف يخاف المخلوق من أعين البشر المقصورة والمحدودة البصروينسى عين رب البشر التي تمتد لما بين الجدران وخلف تلك الحجب التي تخفي وجوههن . ولم لا فعندما تغيب الفضيلة والخجل يحل محلها البغاء والفتن . يارب سلم . أما الضحية الثالثة لكل هذا الجنون الذي يعبث بنا وبحياتنا هم الاباء والامهات، في الماضي كنا إذا رأينا شابا فاسداً أو فتاة سيئة الخلق نضع اللوم بالكامل على الأهل الذين لم يحسنوا تربية أبناءهم ولم يراعوا الأمانة التي من الله عليهم بمنحهم إياها . أما الان فإن الاباء والأمهات مساكين , لا أقصد أن أقول أنهم لايخطؤن أو أنهم غير ملومين لا بل إنهم لا بد وأن يتحملوا جزء من مسؤولية هذا الضياع ولكن في نفس الوقت فهم أيضا مساكين . ففي الماضي كانت التربية مسؤولية الأهل فقط ،ومع التطور اشتركت المدرسة بهذه المسؤلية مع بعض التأثير من الاصدقاء، ولكن الآن كثر شركاؤهم رغما عهم في هذه المسؤلية الجسيمة فالمدرسة وغياب المعلم والمعلمة القدوة مسؤولون ,والاصدقاء مسؤولون , والاعلام الآثم مسؤول أما المصيبة الكبرى فهي في خطوط الشبكة العنكبوتية التي التفت حول بيونتا وقيدت أبناءنا وعقولهم فأصبحت تسهل لهم كل ما كان عسيرا وتضع بين ايديهم كل ما كان ممنوعا وغرف أبنائنا وأسرتهم الدافئة التي كانت أكثرالأماكن أماننا أصبحت هي ذاتها أخطر الأماكن على أبنائنا نعم إننا نخشى على أبنائنا حتى وهم في غرفهم نخشى من غدر حواسيبهم ومن انتهاك هواتفهم ومن أصدقاء تلك الشبكت العنقودية التي لاندري من وما هم . لذلك اعتبر الاهل هم الضحية الثالثة لهذا التطور لانهم رغما عنهم يقفون عاجزين أمام هذا الفيضان من التطور المخيف الذي لايحمينا ويحمي أبناءنا من الإنجراف نحو وحله إلا التمسك بكتاب الله وسنة نبيه وأخيرا اللهم اني استودعك أبناء هذه الامة وأسألك اللهم أن تنير بصائرهم وتكفيهم شرورأنفسهم .كتب في التصنيف: أخر الأخبار, خبر عاجل, مقالات كتاب بلادي تم النشر منذ 3 ساعات
مشاركة :