” فرقاه عيد “ بقلم الكاتبة الصحفية / ناهد رطروط الزواج الثاني تلك الكارثة التي تحلّ بالبيوت فتهدمها وتصعق القلوب فتحرقها وتهوي على النفس فتقهرها، كثيرًا ما تسأل المرأة: لماذا يتزوج الرجل بأخرى؟ لماذا نبذَها واتخذ غيرها ملاذًا؟ لماذا لم تَعُد هي الأمان والملجأ؟ ولكني اليوم سأسأل سؤالًا مختلفًا: لماذا يحترق قلب المرأة قهرًا إذا تزوج زوجها؟ كثيرًا ما حيّرني هذا السؤال، مع العلم أن هذا القهر يرافق المرأة ويرفض التخلي عنها في تلك الحالة (بغض النظر عن تعليمها أو مجتمعها أو مدى غناها أو فقرها أو عمرها أو مشاعرها)، أو لنترك المرأة جانبًا اليوم ولنفتش عن الرجل، بصراحة عندي سؤال آخر مهم في هذا الموضوع. هل كل رجل يستحق ما تشعر به المرأة من قهر واحتراق إذا ما تزوج بأخرى؟ هل بالإمكان تصنيف الرجال إلى نوعين: زوجٍ تخشى المرأة فقده بالزواج من أخرى، وزوجٍ ينطبق عليه المثل الشهير (فُرْقَاه عيد)؟ من وجهة نظري أعتقد أن هذا صحيح، فأحيانًا يكون في حياة المرأة ذلك الزوج الذي يتقن فنون الحياة ويعرف كيف يَنْظِم من مشاعره تجاهها أروع قصائد الحب والرعاية والرحمة والمودة، فيعرف كيف يهديها الرضا إن نفث في وجهها سموم غضبه، أو كيف يفتح صدره ليضمها إلى قلبه حتى تشعر أنه أوسع من الدنيا إن ضاقت عليها، أو كيف يشعرها بأنها الماء والهواء وأنه بدونها واقف على أطراف الحياة، أو ذاك الرجل الذي يعرف جيدًا كيف يعزف بتصرفاته سيمفونية اهتمام يطرب لها قلب المرأة وترقص على أنغامها مشاعرها. سيدتي إن كان في زوجك إحدى تلك الصفات، أو إذا ما كنت سبب هذا الزواج الثاني، فيحق لقلبك أن يحترق طالما أنه فرط بهذا الكنز، ويحق لعيناك أن تفيض ألمًا ودموعًا لأنها لم تر تلك النعمة ويحق لروحك أن تضيق حتى الاختناق لأنها لم تتسع لذلك النقاء، وكما قسّمنا الرجال إلى نوعين فالنساء شقائقهن في هذه أيضًا فهن ينقسمن إلى نوعين: الأول، الذي تحدثت عنه السطور السابقة. أما النوع الثاني من النساء فلن نتطرق له في هذا المقال، لكن النوع الآخر من الرجال فسيكون هو محور هذا المقال الرئيسي. فُرْقاه عيد فيا عزيزتي إذا كان زوجك من ذاك النوع السلبي الذي لايرى من الحياة إلا مشاكلها ولا يرى منك إلا عيوبك حتى لو كلّفه الأمر بعثرة ما في نفسك بواسطة مِجْهرٍ فهذا الرجل فُرْقاه عيد، أو إذا كان زوجك صاحب عين ناقدة ويسخف من كل ما تقومين به وينتقد على الدوام أفعالك وأفكارك وكلامك، والتي يجدها كنزًا ثمينًا وأفكارًا عبقرية إذا ما تفوّه بها أيّ شخص آخر كصديق له مثلًا. فهذا الرجل أيضًا فُرْقاه عيد؛ لأنه في النهاية سيحطم أعصابك ويقتل ثقتك بنفسك ويهزك من الداخل، وإذا كان زوجك لا يصلح لأن يكون سندًا لك في هذه الحياة بحيث أنك لا تستطيعين اللجوء إليه في حلّ أي مشكلة تتعرضين لها، فإذا ما وقعت لا تتأملي سيدتي أن يكون هذا الرجل ظهرًا يحميك من السقوط بل بالعكس ستجدين أنه سيدوسك أكثر بلومه وعتابه وتأنيبه لك، دون أن يفكر مجردَ تفكير في حلّ مشكلتك أو بترميمك إذا ما حاولت هذه الدنيا تحطيمك فهذا أيضا فرقاه عيد. أما إذا كان زوجك من النوع الذي يسمح لعصبيته بالهيمنة والسيطرة عليه لدرجة أنه لا يميز مع مَنْ وكيف يتكلم فينطلق لسانه كالثور الهائج، وتتحول كلماته إلى خناجر تمزق القلب وتدمي الروح فهذا أيضًا فُرْقَاه عيد، لأن الحياة الزوجية يا سيدتي قد تستمر بدون حب لكنها ستكون بابًا من أبواب جهنم دون احترام. إنسانة درجة ثانية نضيف إلى الأنواع السابقة ذاك الرجل الذي مازال إلى الآن ينظر للمرأة على أنها إنسانة من الدرجة الثانية فخطؤه طبيعي وقد يكون حق له مهما كبُر، ولكن خطؤها كفر تستحق القتل عليه مهما صغر، فهو يعتبر أن مجرد التفكير بالاعتذار تفضل وتكرم منه، فقد يأتي اعتذاره على شكل شكوى من الظروف في العمل ومشاكل الحياة وغيرها من الأمور التي لابد وأن تدفع هي ثمنها، من تقبل إهانته لها وتحمل عصبيته القاتلة وإذا لم تقبل هذا الاعتذار المغلف بالشكوى والذي يصاحبه إلقاء اللوم عليها في كثير من الأحيان فهي جاحدة ولئيمة، أما إن أخطأت هي فقد يستغرق الأمر منها أيامًا في محاولات للاعتذار وقد لا يقبله أيضًا وإن قَبِلَه فمن باب كرم أخلاقه. طبعًا هناك أيضًا البخيل الذي لا يقتصر بُخْله على المال فقط، وإنما يمتد بُخْله ليطال الحب والمشاعر والاهتمام وحتى الكلمة الطيبة، فالبخيل بخيل حتى في عيش الحياة أو الشعور بالسعادة، وفي هذا المقام لا يمكننا نسيان أسوأ أنواع الذكور وهو الخائن الذي تصبح حياة المرأة معه شعورًا دائمًا بالخوف وعدم الأمان إلى أن تتحول إلى بقايا امرأة وحطام أنوثة، ينخرها الوجع والعذاب اللانهائي فهذا أيضًا فُرْقَاه عيد. وهناك أيضا الدميم دميم الخُلُق وليس الخِلْقة فهو لا يراعي أبسط قواعد التعامل ويتمنى من يجلس معه لو يخترع عالم التجميل عملية تجميل لألفاظه ومفرداته وتصرفاته، لن ننسى الرجل الذي لايهتم بالنظافة والقذر في عاداته اليومية وغير هؤلاء الكثير من أنواع الرجال الذين لا يستحقون أن تهدر المرأة دقيقة واحدة من وقتها تتساءل فيها لما تركني؟ فيكفي السنوات التي ضاعت معه، وهو أيضًا يا سيدتي لا يستحق ذبول عينيك وهي تنزف دموعها من أجله، فأعتقد أن الدموع التي سكبتها عيناك طوال سنين عمرك مع رجل كهذا كفيلة لري غابة من الحب لنفسك ثمارها حياة أفضل وأوراقها الهدوء والسلام. إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا أعلم أن المرأة قد تبكي عمرها الذي ضاع مع من لا يستحقها ولكنني أقول لها: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) أمّا لمن يأتي ويتشدق بحقوق المرأة وأن الزواج الثاني جرح لكرامتها، فأقول لهم: إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي كرّم المرأة وأعطاها حقوقها قبل أيّ تشريع أو دين والذي كرّم المرأة لا يشرع ما يهينها. اعلم أن الزواج الثاني نار تكوي المشاعر وألم لا يطاق، فإذا كانت الولادة أقسى ألم جسدي فالزواج الثاني أقسى ألم نفسي، ولكن كلماتي الأخيرة لكل امرأة جرحت بنصل الزواج الثاني استيقظي وفكري قليلاً هل هذا الرجل يستحق أن يضيع ما بقي من عمرك في رثاء حياتك معه؟ أم أن الوقت حان لتحيي حياة هادئة وسعيدة دون رجلٍ فُرْقَاه عيد؟كتب في التصنيف: مقالات كتاب بلادي تم النشر منذ 3 ساعات
مشاركة :