بداية، علينا جميعاً أن نحمد الله حمداً كثيراً يليقُ بعظمته وجلاله بأن مكّننا من صيام شهر رمضان المبارك ومنحنا فرصة العمْر التي لا تعوّض إلا بقدر الله ومشيئته إن كان ما زال لنا بقية حياة قصيرة بحكم الواحد الأحد جلّ جلاله. الليلة أحبتي ليلة السابع والعشرين من شهر الخير والرحمة والغفران من ربّ رحيم أرْحَم بعباده من عباده، حريّ بِنَا أن نتجّه بقلوبنا وكلّ جوارحنا رافعي الأيدي والحناجر بالدعاء بقلوب صادقة وعيون دامعة ودعاء بخشوع إلى الله العلّي القدير التّواب الرحيم أن يغفر لنا كلّ ذنب ما تقدّم منه وما تأخر، وأن نرجوه ونتوسّل إليه بالصحة والعافية لنا ولمرضانا، وأن يغفر لموتانا وموتى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ووطننا من كيد الأعداء وكلّ من يتربّص به، وأن ينْصر جنودنا المرابطين على حدودنا ويحفظهم بحفظه وأن يكلأهم برعايته ويُثَبِّت أقدامهم ويسددّ رمْيهم ويغفر ويرحم الشهداء منهم ويسكنهم فسيح جنانه، ونواصل الدعاء لشبابنا من الجنسين بالهداية والعون والتوفيق، وأن يكفيهم شرّ الأشرار ومن يغررّ بهم ويفتح لهم طريق الغيّ والغدر بوطنهم والحسرة بوالديهم وأهليهم بجهاد ليس من الإسلام في شيء، ومنحهم صكوك الجنّة والغفران بمجرد قتل نفس مؤمنة بريئة بل وصلت لحدّ والعياذ بالله أن يقتل الأخ أخاه المسلم. الليلة -وعلمها عند العلي القدير- «ليلة القدر خَيْرٌ من ألف شهر، تنزّل الملائكة والروح فيها» صدق الله العظيم، إنها تدعونا للدعاء والانتصار من قلوب صادقة على مجاهدة النّفس ونسيان الحياة الدنيا بكلّ بهارجها ومغرياتها، وندعو الله لوالدينا وأبنائنا وبناتنا وأحبابنا وإخواننا وكلّ من له حقّ علينا. إنها والله فرصة إلهية عظيمة لا تعوّض علينا أن نتفرغ ونستغلّ كل ثانية منها؛ عسى الله برحمته وتجاوزه يعفو عنّا جميعاً. وفي العشر الأواخر من رمضان، فقد الوطن والعالم العربي والإسلامي والدولي علمًا بارزًا من أعلام السياسة، رجلاً من أعْظم وأنْبل الرّجال، وهب كلّ حياته لخدمة دينه ووطنه وولاة أمره يدافع وينافح عن قضايا أمّة الإسلام عامّة بحنكة السياسي المخضرم وبحكمة القائد الذي تعجز الكلمات والبيان أن تتحدّث عنه؛ لما يتمتّع به -رحمة الله عليه- من صفات ومناقب جعلت منه أسد الدبلوماسية الفذّ. إنه الأمير الفقيد سعود الفيصل، الذي رحل وهو يتألّم حال الأمّة وجعاً وحسرة؛ لما تعانيه من شتات وفرْقة وانْحدار، أفقدها الهيبة والتي كان -رحمه الله- بالرغم من أوجاعه يبذل جهداً خارقاً لاستعادة لو الجزء اليسير من كرامتها، ولكن إرادة الله وقدره لم يمهل الراحل العظيم لتحقيق ما كان يطمح له ويتمنّاه. اللهّم يا رحمن يا رحيم اغْفر له وأسكنه فسيح جنانه يا كريم، اللهّم أصلح شأننا ولا تؤاخذنا بأعمالنا بل برحمتك يا أرحم الأرحمين، اللهم احفظنا بحفظك واحفظ علينا ديننا ووطنّا وولاة أمرنا وكل من له حقّ الدعاء منّا، وأعد علينا رمضان ونحن جميعا بصحة وعافية وأمن واستقرار، وأن تكفينا حسد الحاسدين وكيد الكائدين يارحمن يارحيم. وكل عام وأنتم أحبتي بخير.
مشاركة :