الجزائر – حذر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، من أي مسعى لتسليح القبائل الليبية للدفاع عن النفس وبرره باستنساخ السيناريو الصومالي في ليبيا. وجاءت تحذيرات تبون غداة اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بعدد من رؤساء وأعيان القبائل في ليبيا، حيث تباحث معهم بشأن سبل حل الأزمة في بلادهم ولم يتم استبعاد خيار الدفاع عن النفس بالسلاح، وهو ما يفرز خلافا جوهريا بين البلدين، رغم لغة الوفاق الدبلوماسي التي يروج لها المسؤولون في الجزائر والقاهرة. وسبق للرئيس الجزائري ووزير خارجيته أن أدليا بأكثر من تصريح حول الأزمة الليبية، وحضا القبائل الليبية على الانخراط في مسار الحل السياسي بعيدا عن استعمال السلاح، وحذرا من الدخول في أتون حرب أهلية مدمرة لليبيا ولدول الجوار. وكشف تبون، في التصريح الذي أدلى به مساء الأحد لوسائل إعلام محلية، عن إعداد بلاده لـ”مبادرة للحل في ليبيا تحظى بقبول من الأمم المتحدة وقد تقدم بالتنسيق مع تونس”. وتابع “سمعت خلال الـ24 ساعة الماضية حديثا عن تسليح القبائل الليبية للدفاع عن النفس وهذا خطيرا جدا، وسنكون أمام صومال جديد ينعدم معه أي حل”. وتتجه مبادرة الجزائر حول الأزمة الليبية للتحرك تحت مظلة الأمم المتحدة، من أجل إضفاء الشرعية الدولية عليها، والحصول على الدعم الإقليمي والدولي، على اعتبار أن الأزمة باتت مأزقا لا يمكن الخروج منه بمبادرات معزولة. وذكر الرئيس الجزائري بأن أطراف النزاع تملك “نظرة إيجابية للحل الجزائري، ويمكن أن يكون الحل جزائريا- تونسيا بالتنسيق مع الأمم المتحدة وأنا متفائل بذلك”. وأضاف “لا نؤيد أي قرار منفرد، والجزائر من مبادئها رفض الأمر الواقع، أي أن تعلن مبادرة وتطلب منا التأييد أو الرفض”. التقارب المسجل في الآونة الأخيرة بين الجزائريين والفرنسيين ساهم في شراكة دبلوماسية في ليبيا، مما يضيّق الخناق على الأتراك، ويبعد الجزائر عن النفوذ التركي المتنامي في المنطقة وإن لم يكشف الرئيس الجزائري عن مضمون مبادرة بلاده لحل الأزمة المذكورة، إلا أن وزير الخارجية صبري بوقادوم سبق له الكشف عن خطوطها العريضة، وهي: وقف إطلاق النار ووقف التصعيد الداخلي والإقليمي، وتحييد مصادر الدخل الليبي عن الصراعات الدامية. وكثفت الجزائر اتصالاتها الدبلوماسية خلال الأسابيع الأخيرة بشكل لافت، ما يترجم المخاوف الحقيقية التي تحرك الجزائريين من أجل تحييد الأزمة عن أي تعقيد أو انزلاق إلى حرب مدمرة، حيث كانت محور المحادثات التي أجراها وزير خارجيتها مع نظرائه في تونس وإيطاليا وفرنسا وتركيا، وشد الرحال إلى موسكو في زيارة تضع الملف الليبي في صدارة الاهتمامات. وذكر تبون في هذا الشأن بأن “التحركات الدبلوماسية لبلاده بشأن الأزمة الليبية يومية، وعلى مستوى الرئاسة ووزارة الخارجية، ومع كافة الأطراف، وأما بالنسبة لتركيا فوزيرا الخارجية في تواصل يومي”. ويرى متابعون للشأن الدبلوماسي الجزائري بأن “التوافق المعلن بين الجزائر وأنقرة، تشوبه الكثير من العوائق والمنغصات، بسبب انزعاج الجزائر من التواجد التركي الاستراتيجي في المنطقة، ومن المرتزقة الأجانب الذين دخلوا إلى ليبيا تحت المظلة التركية”. ويضيف هؤلاء، بأن التقارب المسجل في الآونة الأخيرة بين الجزائريين والفرنسيين، لاسيما في ما يتصل بتوجه الإليزيه لتسوية تدريجية للملفات التاريخية العالقة بين البلدين، ساهم في ظهور رؤية جديدة تقوم على “شراكة دبلوماسية في ليبيا”، مما يضيّق الخناق على الأتراك، ويبعد الجزائر عن النفوذ التركي المتنامي في المنطقة. وقال تبون " لقد تم عزل الليبيين اليوم، باستثناء طرفي النزاع". وانتقد الرئيس الجزائري بشدة التدخلات الأجنبية في ليبيا، مؤكدا أن الأطراف التي شاركت في مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية تقول ما لا تفعل. وجدّد تبون موقف الجزائر "الثابت الداعي إلى ضرورة التعجيل بالحل السياسي في ليبيا باعتباره السبيل الوحيد لوقف إراقة المزيد من الدماء والإبقاء على الوضع تحت السيطرة". وتباحث تبون مع الممثلة بالنيابة للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز خلال زيارتها للجزائر الأحد "التطورات الميدانية المقلقة في ليبيا في ضوء مساعي منظمة الأمم المتحدة لاستئناف عملية السلام انطلاقا من قرارات ندوة برلين الدولية"، وفق بيان للرئاسة الجزائرية.
مشاركة :