وهج الكتابة: التأمل.... في زمن الكورونا

  • 7/25/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تأملٌ من أجلِ الكتابةمقهى من أجلِ الكتابةقَهوةٌ من أجل الكتابةغربةٌ وعزلةٌ للكتابةفي زمن الكورونا، تبعثرَ كل شيء، أصبح العالمُ سِرياليًا، استطاعوا أن يُحجروننا في منازلنا، سجنٌ وليس بسجن، عزلةٌ وليست بعزلة، موتٌ وليس بموت، أُغلقت المقاهي والأماكن العامة وبرك السباحة ودور السينما أبوابها، أصبحنا أكثر وحدةً واغترابًا بسبب اعتكافنا الممل في البيوت دون أن نتمكن من زيارة الأهل والأحباب ومعانقة الأطفال، زهور الحياة الحقيقية. حتى كتاباتنا أصيبت بالكورونا، أو نكهة الكورونا! مع هذه التغيرات في المواقيت والأماكن، وهربًا من هذه العزلة القاتلة أو مقاومتها، كما أفعل دائما بسلاحي الوحيد وهو الكتابة، أيقونة الحياة والسرمدية، اكتشفتُ مخرجًا يعوضني نسبيًا عن عادة تأمل الناس في المقاهي، عادة لم أكن تعودت عليها من قبل أو ربما لم تستهويني من قبل. انها عادة جديدة أو أسلوب بديل أو متنفس مختلف. فعند خروجي من مكتبي مساء كل يوم اركن سيارتي في أحد الأماكن المزدحمة نسبيًا، فما عاد هناك ذاك الزحام الذي تعودنا عليه قبل الجائحة. اركن سيارتي في شارع عام وانزل النافذة وأتأمل الناس وخاصة في شارع المعارض قريبًا من المكتبة الوطنية لأراقب عشاق القراءة والمعرفة، أراقب السائرين والعابرين والمتبضعين وهم يرتدون كمامامتهم. أحاول سبر الوجوه التي نادرًا ما ترى أية إبتسامة ترتسم عليها أو داخلها، فقد اقتلعت الجائحة البسمة من الشفاه، الكل تقريبًا خسر شيئًا أو أشياء، الكل قلق على وظيفته، إن لم يكن خسرها بالفعل أو أصبح لا يستلم أجره بانتظام. معظم المارة في شارع المعارض أو شارع الزبارة هم من الوافدين الذين ربما يحملون قلقًا وخوفًا أكثر من المواطنين فهم غرباء، تغرّبوا من أجل لقمة العيش وهم الآن في حالة ضياع فظيعة، فالكثير منهم ما عاد يستلم راتبه لأن النشاط التجاري في حالة شبه شلل محزنة وما عاد بوسع أصحاب الأعمال وخاصة الصغار منهم دفع الرواتب أو الإيجارات. اقتصادنا في حالة يرثى لها وخاصة بعد إغلاق جسر الملك فهد وعدم تمكن أخوتنا السعوديين من زيارة بلدهم الثاني وهم عنصر مهم في إنعاش الحركة التجارية.علامات قلق وتوتر على الوجوه وهم يسيرون ولا يعرفون نهاية هذه المحنة القاسية. وأنا من نافذة سيارتي أحاول الترفيه عن نفسي وعن توقف نشاط مكتبي نسبيًا لدرجة أن هاتف المكتب ما عاد يرن إلا نادرًا، وحين يرن يستيقظ الأمل ثم ينام حتى مكالمة أخرى. الكل ينتظر والشارع ينتظر والعابرون ينتظرون معجزة تنهي هذه الضائقة المخيفة. وأنا أكتب عن حالتي وعن الحالة العامة نصوصًا أنشرها يوميًا تقريبًا على الفيس بوك، أحاول جاهدًا أن أعبر فيها عن الحالة لكنني أخفق في تجسيدها، وأكتب نصوصًا أخرى ولكن دون جدوى، الحالة لا يمكن التعبير عنها، إنها أعمق من الحروف والكلمات، ولذلك أستمرُ، أتدفقُ ولكن الحقيقة أكثر دراميةً من حروفي، أكثر عمقًا من نصوصي. وأظل من نافذة سيارتي أتأمل الوجوه فلعلني أجد ابتسامة ضائعة أو قصيدة مفقودة تتطاير من بين دخان سيجارتي!! Alqaed2@gmail.com

مشاركة :