رجب الشرنوبي يكتب: نجاح المؤسسة العسكرية

  • 7/28/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بات من المؤكد أن الفجوة الحضارية بين الدول المتقدمة والدول النامية هو تمتع دول العالم الأول بنظام كامل للحياة عكس دول العالم الثالث التي مازالت في جزء كبير منها تعاني من العشوائية..الاعتماد علي مفاهيم لا وجود لها في الغرب مثل الفهلوة والعشم وغيرها الكثير..سبب من الأسباب الرئيسية التي وضعت هذه الدول في هذه المكانة ..رغم مايمتلك الكثير منها من موارد وثروات طبيعية قد لا تتوفر للكثير من الدول الغربية..وظهر هذا بوضوح في جائحة كورونا.في الوقت الذي أصيب فيه العالم الغربي وأمريكا بالهلع نتيجة النقص الحاد في المواد الغذائية ..كانت هناك دولًا كثيرة من العالم النامي أقل تعرضًا لهذا النقص..لا لشيء سوي أنهم يعتمدون في جزء كبير من استهلاكهم الغذائي علي ما تزرعه أيديهم..ربما يفسر ذلك إهتمام الدولة بالتوسع الأفقي والرأسي في الزراعة..إلي جانب إقامة مشروعات غير نمطية من المخازن الإستراتيجية للغذاء والدواء..أي أن وجود نظام إجتماعي شامل حاسم وصارم كان كفيلًا بإنتشال أوروبا وغيرها من دول العالم المتقدم من عصور الظلام بعدما عاشت تتخبط فيه لقرون عديدة.رغم أن الكثير من دوله تعاني من نقص كبير في الموارد الطبيعية التي اعتمدت عليها في بناء نهضتها الحديثة.. ولعل ما ينتجه العرب من البترول والغاز وما تستهلكه أوروبا منه خير مثال علي ذلك.. أثبتت التجربة العملية خلال السنوات الماضية مثلًا أن عددا من المشروعات القومية التي يشرف علي تنفيذها الأجهزة المختلفة للقوات المسلحة هي الأكثر نجاحًا رغم أنه ربما يقوم بجزء كبير منها شركات القطاع العام إلي جانب شركات القطاع الخاص المدني.المهم أن النظام هو أساس النجاح وهذا هو الفرق بين ما تقوم به المؤسسة العسكرية وتشرف عليه وما يتم إسناده لغيرها من مؤسسات الدولة العامة والخاصةالآخري بشكل كامل.. يتسائل الكثيرون عن سر نجاح القوات المسلحة فيما يوكل إليها حتي من مهمات مدنية خلال السنوات الماضية وخاصةً سنوات  "العثرة" التي تلت أحداث يناير مباشرةً ..لم يكن هناك مؤسسة واحدة من مؤسسات الدولة تعمل بشكل طبيعي وتعاطت مع الأحداث وتداعياتها بكل ثبات ولم تهتز سوي المؤسسة العسكرية.لم نسمع يومًا ما عن وقفات إحتجاجية أو مطالب فئوية داخل القوات المسلحة..حافظت المؤسسة العسكرية علي كل مايحفظ للدولة هيبتها ووجودها..حتي بعدما حدث تغيير نوعي وإضافي للمهام الموكولة للمؤسسة العسكرية إلي جانب مهماتها  القتالية كانت علي قدر المسئولية.كل ماقدمته القوات المسلحة خلال السنوات الماضية للحفاظ علي المجتمع المصري من الانهيار يستحق كل التقدير رغم صعوبة الاختبارات والتحديات التي واجهتها.أعتقد أن كلمة السر في هذا النجاح هو تمتعها بنظام واضح صارم.. هناك "كنترول" علي كل فرد داخل داخل هذه المنظومة.. الكل يعرف ماله وماعليه بكل وضوح بداية من الجندي الذي يؤدي الخدمة الوطنية حتي وزير الدفاع والقائد العام.أثبتت تجربة السنوات الماضيةأيضًا والتغيير الواضح في المؤشرات العامة للأداء داخل الدولة..أن هذا النجاح الذي حققته مصر خلال عدد قليل من السنوات يرجع في المقام الأول إلي عدة عوامل أساسية.. أولها قيادة سياسية تؤمن بوطنها كما تؤمن أيضًا بإمكانية التغير وتحقيق النجاح مهما كانت التحديات طالما كانت الإرادة متوفرة..إلي جانب مؤسسة عسكرية تعلم جيدًا أنها بمثابة ش.م.م يمتلك كل فرد من الشعب سهم من أسهمها ولا يمكنها التخلي عنه مهما كانت الظروف.فكانت المصلحة العليا للوطن دائمًا هي الإختيار الوحيد للجيش..لا يوجد مواطن مصري واحد لم يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في بناء هذه القوات المسلحة حتي تصل إلي المرتبة التاسعة عالميًا..من هنا كانت هذه العلاقة المتميزة بين الشعب وقواته المسلحة..إلي جانب الدور الوطني الذي قامت به هيئة الشرطة المصرية وأبناء وزارة الداخلية خلال هذه السنوات والكلفة الباهظة التي تحملها رجال الأمن.. حتي تعمل كل مؤسسات الدولة المدنية وتُحفظ أرواح أبناء الوطن في جو من الأمان والطمأنينة.وكما قال الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة أن المواطن المصري هو البطل الحقيقي لكل هذه الإنجازات..لكن كيف سيكون وضع الدولة إذا توافر لهذا المواطن نظام إجتماعي سليم يحفظ له ماله ويعلمه كيف يعمل ماعليه؟؟!!ماذا ستكون عليه الصورة إذا ما أُضيف إلي لكل من مؤسسات الدولة بداية من الوحدة الريفية والمدرسة والوحدة المحلية القروية مرورًا بأي مؤسسة تتبع الدولة حتي دواوين المحافظات والوزارات أحد القيادات العسكرية التي بلغت سن المعاش؟؟!! توكل إليه فقط مهمة الإشراف علي الهيكل الوظيفي للمؤسسة دون التدخل في الشق الفني الخاص بعملها..حتي نوفر قدر معقول من الإنضباط داخل هذه المؤسسات وخاصة الخدمية منها..وجود البصمة فقط في مؤسساتنا الحكومية غير كاف لتحقيق الإنضباط.كثير من الموظفين والعاملين ما بين البصمتين يكون في الشوارع لقضاء حاجياته وإنهاء مصالحة الخاصة وتعطيل مصالح المواطنين..من المؤكد أن تكلفه مانفقده نتيجة هذا التسرب الوظيفي أكثر بكثير مما سنتحمله من دخل إضافي لهذه القيادات نظير عملهم..والتي تحمل من خبرات العمل لسنوات طويلة داخل نظام واضح وملزم حتي أصبح جزء من شخصيتها وليس عرض من أعراضها..ما يوفر درجة كافية من الانضباط داخل مؤسساتنا الحكومية والمستفيد الأول حتمًا سيكون المواطن المصري..مجرد إقتراح نضعه  أمام صانع القرار ويتخذ هو ما يلزم ومايراه مناسبًا لتعظيم وتغليب مصلحة المواطن المصري..فهو من يتحمل الأمانة ومن سيُسأل عنها.

مشاركة :