ودعنا قبيل أيام أحد رجالات المملكة الأوفياء.. كانت رحلته في هذه الدنيا جملة إنجازات يفخر فيها أي إنسان.. فمن طالب نجيب بجامعة الملك سعود ومبرز في مجال المعلومات إلى رحلة دراسية في أرقى الجامعات الأميركية.. ليعود محملاً بالعلم والمعرفة ليخدم دينه ومليكه ووطنه. الدكتور جبريل بن حسن عريشي - رحمه الله - كان جماعة في رجل، لذلك لم يتأخر في التصدي لمهام أوسدت له ومن أبرزها: اختياره من قبل ولاة الأمر عضواً في مجلس الشورى (الدورة الخامسة والسادسة).. وكان شخصيةً بارزة لها حضورها ومشاركاتها الفاعلة في لجان المجلس ثم مستشاراً ثقافياً بوزارة الثقافة والإعلام، وعضوًا بمجلس منطقة الرياض - إمارة منطقة الرياض - (رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية وعضو اللجنة التعليمية)، كما شغل منصب رئيس قسم علم المعلومات بكلية الآداب، ثم عميدًا للتطوير والجودة بجامعة الملك سعود. عرفت أبا الحسن لما يزيد على الربع قرن، وكنت وإياه في أكثر من لجنة، فوجدت فيه شخصية تمتلئ بالحكمة، يتسم بالتواضع والهدوء والبعد عن الجدل، وإذا تكلم أوجز، وترانا نشرق ونغرب بينما تكون كلماته موجزة وتصل - دائماً - إلى أساس الموضوع ومحور نجاحه. كانت كلماته الأخيرة ترن في أذني ونحن ننهي مشروعاً أوكل إلينا وكان في غاية السعادة والحبور مؤكداً أن العبرة في كمال النهايات. ووجدت فيه الإنسان القادر على توطيد العلاقة بين المختلفين عند احتدام النقاش مستنداً إلى ثقافة عميقة وقوة علمية ومرجعية منهجية يلم بها شعث الموضوعات ويجمع الآراء في رؤية توافقية تُرضي الجميع. به صدق المشاعر وصفاء النية وحسن الخلق والتعالي عما يشوب النفس الطيبة من الركود وعدم التقدير ويساعد الآخرين وقت طلب الحاجة. ولديه حياء وأدب جم في تعامله مع الآخرين فيه ذكاء الحوار وهدوء الكبار وطيب المحيا.. أثر في كل من عرفه أو اقترن به وترك فراغاً كبيراً في قلوب محبيه من الأصدقاء والزملاء.. فإن ترك الدنيا إلا أنه مازال في قلوبنا ومشاعرنا نتذكره بكل خير وندعو له بالرحمة والمغفرة. عندما ننعى الدكتور جبريل بن حسن عريشي فإننا ننعى إحدى الشخصيات الوطنية التي سخرت نفسها للدين والوطن، فقد مثل المملكة في الداخل والخارج خير تمثيل، وكان حريصاً على بذل الجهد بكل صدق وإخلاص لأداء الأمانة الموكلة له. فالَّلهم اغفر لعبدك جبريل وارفعهُ في عليّين مع الصديقين. وأختم بقول الشاعر: الراحلون وإن طال الغيابُ بهم باقون في القلب ماغابوا ولا رحلوا عادل المكينزي
مشاركة :