انتهى شهر رمضان. الشهر الذي كنا ننتظر قدومه بأذرع مشمرة، مستعدين لبذل أكثر ما نستطيع طامعين بعطايا الكريم الجليل، وها نحن الآن بعد أن وفقنا ببلوغه، ومنَّ الله علينا أن أتممناه سائلين إياه القبول، لا يجب أن نتجاوز مدرسة رمضان دون أن نتعلم منها، فالمُوفق منا تعامل مع شهواته بحرفية عالية، حرفية استطاع بها أن يسيطر على الكثير من شهوات نفسه، وإلا كيف استطاع جموع المصلين أن يقفوا ساعات لتأدية الصلاة؟ فالحاجة للنوم شهوة، إذا سُخرت لتتقوى للصلاة كان النوم عبادة بحد ذاته، أما اذا تُركت تلك الشهوة دون ضبط، كانت سبباً لتضييع الحسنات، فالإنسان لا يخرج من أحد أمرين إما أن يطيع نفسه بشهوته، أو أن يطيع ربه بشهوته، إذاً الشهوات ليست مصدر شر محض كما يعتقد البعض، بل نحن من نصرفها بخير أو شر، قال تعالى «ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين» القصص 50. إن مقدار الفرحة التي نشعر بها عندما نضع أول تمرة في فمنا وقت الفطر، تعطينا درساً أن الشهوات تكون أكثر لذة متى ما كان هناك ضابط يضبطها، بل إن تلك الشهوة المضبوطة هي طريقنا للفوز والفلاح، أما الشهوات التي لا تخضع لإرادة تسوقها تكون مصدراً للألم، لأننا بطبيعتنا البشرية نحتاج من كل شيء قدراً معيناً، متى ما اختل هذا القدر بطمعنا، كانت تلك الزيادة وبالاً علينا، إن ضبط الشهوة والصبر عليها يعلمنا شكر الله، واستشعار النعمة. قبل عامين كتبت مقالاً بعنوان «فضحنا رمضان»، كان مفاده كم يرينا هذا الشهر من قدرتنا على التكيف متى ما أردنا هذا حقيقةً، واليوم نقول إن رمضان مدرسة الانضباط، منها نتعلم أن عادة الضبط دائماً تخرج أفضل ما فينا، فكل الحدود التي فرضها الله علينا ليست لتقييد حريتنا، بل إنها تعطي للمتعة معاني آخرى. Aseel AL-zafiri@ِ
مشاركة :