الإنسان في هذه الحياة يحتاج إلى وقفات تأمل وتدبر مع نفسه، ويسأل نفسه ما هي أهدافه بالحياة، سواء كانت على المستوى العملي أو العائلي أو الشخصي أو حتى الإيماني...؟ وقد يمر بمواقف عديدة، ولكن تبقى هناك نقطة تحول في حياة الإنسان أو المنعطف الذي ساهم مساهمة فعالة في تغيير حياته وسلوكه وفكره، وهي تختلف من إنسان إلى آخر. فشهر رمضان الكريم، يعتبر فرصة سانحة ونقطة تحول ومدرسة حقيقية لمَنْ أراد أن يغير في حياته وعاداته. ويقول علماء النفس إن الإنسان يحتاج إلى أن يكرر الأمر الذي يود أن يغيره إلى 20 مرة تقريبا حتى يحدث نجاحاً حقيقياً، بمعنى آخر أن الإنسان لو أراد أن يتعلم ويتغلب على مشكلة التردد مثلا فإنه يحتاج الى أن يكرر عملية اتخاذ القرار، حتى تصبح لديه عادة. إذا فشهر رمضان يمتنع فيه الإنسان عن الأكل والشرب لمدة 30 يوماً تقريباً، من الفجر إلى وقت المغرب، وفي الحقيقة فان الإنسان سيتعود على عملية اتخاذ القرار ومن جانب ذاتي على سبيل المثال، إرضاء لله عز وجل. يأتي علينا شهر رمضان في كل عام لكي يتوقف الإنسان مع نفسه وقفات جادة وسط صخب وملهيات الحياة المادية، ومدرسة رمضان أجمل فرصة لنزع الأحقاد من النفوس وفتح صفحة جديدة، والتخلص من الشوائب في القلوب، وأجمل فرصة لكي يرتب الإنسان نفسه من الداخل، فيعيد ترتيب حياته، ويحاسب نفسه محاسبة الشريك لشريكه الحريص على دوام الشراكة، ويبحث عن مواطن الخير فيها وينميها، ويعاهد نفسه على تغيير نمط حياته للأفضل، ويضع ويرسم لنفسه الأهداف التي يتمناها ويسعى لتحقيقها. مدرسة رمضان فتحت أبوابها وهي مازالت في البدايات، وهي كذلك لمن استعد لها، وهي أقصر المدارس، فقط تفتح أبوابها لمدة شهر واحد ومستمرة من السنة الثانية للهجرة إلى يومنا هذا في السنة التي فرض فيها الصوم، ولكنها تقدم مواد روحانية مكثفة أكثر من أي مدرسة أخرى، ولكن لمن استعد لها الاستعداد الأمثل سواء على المستوى الروحي أو العقلي أو الجسدي. ويقول د. صلاح الراشد: حدد ما الذي تريد أن تحققه من خلال هذا الشهر الفضيل، ضع أهدافاً واضحة وحدد بالضبط الذي تريده فهذه المسألة ضرورية جدا «إذا فشلت في التخطيط فقد خططت للفشل». إذا لم تكن هناك خطة مكتوبة فلن تكون هناك نتائج، دون ما تريد، اصدق مع نفسك، أخبر نفسك من خلال الكتابة بما تريد ثم ذكر نفسك بقراءة ذلك دورياً. ففي رمضان سارعوا إلى الخيرات، ولا تظن بالآخرين إلا كل خير بل عامل الناس بأخلاقك وليس بأخلاقهم، وليكن همك مرضاة الله وليس الناس، فلا يوجد شيء أجمل على النفس من التسامح ولا أحلى من خلق التواضع، وكما يقول علي الطنطاوي رحمه الله: «قد تعلمنا في المدرسة ونحن صغار أن السنبلة الفارغة ترفع رأسها في الحقل، وأن الممتلئة بالقمح تخفضه، فلا يتواضع إلا كبير، ولا يتكبر إلا حقير»، ويقول عن الناس والبشر: «وأصبت 99 وأخطأت مرة واحدة لعاتبوك بالواحدة وتركوا الـ 99 هؤلاء هم البشر، ولو أخطأت 99 مرة وأصبت مرة لـ غفر الله الـ 99 وقبل الواحدة ذاك هو ربي، فما بالنا نلهث وراء البشر ونبتعد عن الله!». akandary@gmail.com
مشاركة :