شيماء المرزوقي عندما تسمع من يتحدث عن تحديد الأهداف، وتدوين الأولويات وتسجيل الخطط، ومعرفة الواقع والإلمام بإمكانياتك وقدراتك الشخصية، أصغِ لكلماته، لأن في حياتنا تتداخل الرغبات وما نريده مع الأهداف والغايات وما نسعى للحصول عليه، وبين تلك الأهداف والرغبات بون شاسع ومتطلبات كثيرة ومتنوعة، تبدأ بالمعرفة والعلم وتنمية القدرات الذاتية ولا تنتهي عند الاستعداد والحماس. لذا عندما يقال بأن تحديد هدف واحد حيوي ومهم والتركيز عليه، هو الذي يحقق النجاح المأمول، ليس قولاً مجانباً للصواب، بل هي كلمات جاءت من تراكم الخبرات، والشواهد والتجارب تدل عليها وتنصح بها. الأهداف المتعددة تشتت الذهن والفعل والعمل، وأيضاً تثبط من الحماس والاندفاع، في اللحظة نفسها يوجد جانب على درجة عالية من الخطورة، وهو أن تعدد الأهداف قد ينهار تماماً مع أول فشل لواحد منها، لأن شعور الإحباط والألم سينتشر وينعكس على باقي المهام فيحدث انهيار لكامل الأهداف، وهنا يكون وقع الفشل مدوياً ومؤلماً، والنهوض منه قد يتطلب الكثير من الوقت. على الجانب الآخر التركيز على هدف واحد مهم وحيوي، ومنحه الوقت اللازم للنجاح والاستعداد الفعلي من المعارف والمعلومات، ستكون عوامل النجاح فيه أكبر وأشمل، وعندما يتحقق النجاح، سيكون دافعاً للتوجه نحو هدف ثانٍ وهذه المرة معك الخبرة التي اكتسبتها من عملك والجهد الذي بذلته في الهدف الأول، ولو قدر ولم تنجح في تحقيقه، فالخسارة ستكون أخف وطأة، فضلاً عن وجود أهداف أخرى ستقتحمها وأنت قد استفدت من التجربة الأولى حتى وإن لم تكن تجربة ناجحة. إحدى الصديقات، قررت إكمال دراسة الماجستير، وفي اللحظة نفسها كانت تسعى لتنفيذ الكثير من المبادرات في جهة عملها، وعلى مستوى الأسرة كانت تريد إنجاب طفل ثالث، بينما لديها طفل في الرابعة من العمر وآخر في الثانية ؛ نصحتها بأن تركز وتولي عنايتها بمراحل الحمل وتحرص على صحتها، لأنها تعاني أيضاً نقصاً في السكري، وأن تؤجل دراسة الماجستير، نظراً لحساسية صحتها أن تأخذ إجازة وفق ما يسمح به النظام، حتى وإن لم تكن مدفوعة الأجر. لكنها لم تسمع النصيحة، وغني عن القول أنها لم تتمكن من إكمال دراستها، بينما كانت تتغيب عن عملها، فسُحِب الكثير من مهام العمل منها. وفي نهاية المطاف حدث ما فيه خير لواقعها. وكما قال المؤرخ الإنجليزي توماس فولر: «من يركض وراء أرنبين لا يدرك أياً منهما». Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :