نشرت صحيفة جارديان اللندنية المرموقة يوم الثلاثاء 30 يونيو تقريراً بعنوان: (السياسة تصنع الإرهاب، وليس الدين) اطلعت عليه مترجماً في نشرة إليكترونية. واضح من العنوان أنه تقرير (غير)، أي خارج عن النطاق التقليدي المعروف الذي يشير بأصابع الاتهام دائماً إلى الدين، ولا دين في نظرهم يصنع الإرهاب سوى الإسلام! ملخص التقرير يتحدث عن الدور المشبوه الذي تلعبه وسائل الإعلام في إلصاق تهمة التطرف، ولاحقاً إلصاق الإرهاب بالإسلام بصفته منهجاً للحياة، ومن ثم بالمسلمين. أما الذي أشد وأنكى طبقا للكاتب، فهو أن فرضية التطرف تبعدنا عن الأسباب الحقيقية للإرهاب، وتمكّن الغرب من الاستمرار في نفيه لأي دور في نشوء هذا التطرف. “كيف نمنع الشباب المسلم من التطرف؟“. هذا هو السؤال الذي يُطرح باستمرار، ولكنه سؤال مضلل للغاية لأنه يوجهنا نحو الاتجاه الخاطئ! لماذا؟ لأنه يتضمن إيحاء خفياً بأنّ الأفكار المتطرفة (والمنسوبة إلى الإسلام تحديدًا) هي السبب الرئيس لتحوّل شاب صغير من غرب يوركشاير إلى انتحاري في تنظيم داعش. ووفقًا لفرضية التطرف، فإنّ الإسلام المحافظ والأفكار (الخطيرة) الواردة في القرآن الكريم هي التي تحفز هذا السلوك الإجرامي.! ويؤكد الكاتب أن الغرب ينشر هذا الأسلوب المضلل لأنه يريد أن يكون تعريف الشر غامضًا وملتصقاً بالآخر الغريب عنه، ولا علاقة له بالغرب إطلاقاً. هو يريد أن يرسم لنفسه صورة ذهنية تصفه بالعلمانية وبالاستنارة والعصرانية، ولا علاقة له بسفك الدماء الذي يحدث في أرجاء الأرض بما فيها أرضه أحياناً. ولكن، إذا كان الإرهاب (الصادر من فئة من المسلمين) يتعلق بالسياسة؛ فإنه يتوجب على الغرب الاعتراف بأن سجله الحافل بالتدخلات الكارثية الغربية في الشرق الأوسط هو جزء من واقع الرعب الذي تعيشه المنطقة، ولا تزال وستظل لسنوات قادمة. بعبارة أخرى يقول الكاتب الغربي: (على الغرب مواجهة مسؤولياته عن نشوء هذه الظاهرة.) ليس من العدل ترسيخ الصورة التي تربط بين الإسلامي والإرهابي. إذا أردت مراقبة الإرهابي، فلا تبحث عنه بين الذين يؤدون صلواتهم في المساجد، وإنما تابع الذين يشترون المواد الكيميائية الخطيرة من مصادرها. وفي ظني أن الغرب هو أول وأكبر مصادرها. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :