فيلم "التأثير الشمسي" الأرض تضربها الإشعاعات من كل جانب | طاهر علوان | صحيفة العرب

  • 8/17/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تجد سينما الخيال العلمي فرادتها عبر موضوعات تحقّق تفاعلا مع جمهور يرغب في مشاهدة قصص تتعلق بحياة البشر، بل الكوكب الأرضي برمته، فماذا إذا ضربت هذا الكوكب كارثة من الكوارث؟ تحفل سينما الخيال العلمي بالكثير من الموضوعات التي تتناول غضب الطبيعة أو تحولات المناخ أو الإصابة بالأوبئة، وصولا إلى الحروب الذرية والأسلحة الفتاكة. وعلى هذا الأساس كانت هنالك قواسم مشتركة في هذا النوع من الأفلام يقع في مقدمتها أولئك البشر الناجون من الكارثة، وفي مثل هذه الأفلام يجري تتبّع مفردات حياة الناجين وكيفية تصريف أمورهم وبقائهم على قيد الحياة، وذلك وفق صراع مرير من أجل البقاء الذي يفضي إلى كوارث أخرى جديدة تقع فيها الشخصيات. ووفق هذا المسار يمكننا أن نقرأ فيلم “التأثير الشمسي” للمخرج تودلي جيمس، حيث نعيش أشد الأوقات صعوبة ذلك الذي تقع فيه كارثة غير متوقعة، فهنا في المشاهد الأولى يقوم رواد فضاء وطيارون برصد إشعاعات غير طبيعية وقصف للشهب وتحوّلات في الغلاف الشمسي، لنتوقف عند ذلك وكل الظن أننا أمام نوع من أفلام الخيال العلمي المرتبط بغزو الفضاء أو الصراع مع كائنات فضائية تستهدف الأرض. لكننا سوف ننتقل فجأة إلى مكان انفجار وإشعاعات يكون ضحاياها أناس عاديون، وما تلبث تلك الإشعاعات أن تغيّر تركيبهم الجيني حتى يتحوّلوا بشكل مفاجئ وغير متوقع إلى كائنات عدوانية، ثم يتطوّر الأمر إلى إصابتهم بالسعار الذي يدفعهم إلى الانتقام من البشر الآخرين، وتاليا نقل العدوى إليهم في نوع من كائنات الفامباير. على الجهة الأخرى، سوف نكون مع سلسلة من المشاهد العادية، حيث تعمل سوزان (الممثلة ناتالي مارتنز) عاملة في مقهى، ويدخل ذلك المقهى جاك (الممثل أوليفيه بارك) هو ومجموعة من أصدقائه بعد رحلة طويلة قاصدا قرية إنجليزية لزيارة شقيقته التي تشاء الصدف أنها تسكن في نفس القرية التي يعيش فيها والدا سوزان. لكن ذلك الصفاء واليوم العادي ما يلبثان أن ينقلبا رأسا على عقب بشروع الكائنات المصابة بالوباء في التدفّق نحو المقهى واستهداف من هم في داخله. لم يكن غير الهرب سبيلا أمام المجموعة التي يبدأ أفرادها بالتناقص التدريجي حتى تكمل سوزان وجاك الرحلة، والهدف يتحوّل إلى هدفين وهما الوصول إلى شقيقة سوزان التي تعمل في أحد المستشفيات وشقيقة جاك التي تعيش مع زوجها. ومع مسارات هذه القصة الدرامية لا شك أننا أمام قصة تم تداولها في العديد من أفلام الفامباير، لا جديد فيها سوى التكرار لنفس التحدّي ونفس الشخصيات المطاردة والناجية. لكن المخرج ولغرض إضفاء نوع من المغامرة على مسيرة الشخصيات يزجّ العديد من الحبكات، ومنها مثلا انقطاع السبل بأفراد المجموعة بعد تعطل سيارتهم، وكذلك خسارة جاك صديقته ثم خسارته أصدقاءه تباعا. تمسك بفرصة للخلاص تمسك بفرصة للخلاص ومن خلال ذلك تظهر مشاهد ومواقف مؤثرة مثل تخلي إليزابيث عن حبيبها، بل إنها هي التي تدفعه للخروج من المكان بسبب تعرضها للعضّ من الفامباير، وهو كفيل بنقل العدوى، وهو من المشاهد المؤثرة التي جمعت بين الشخصيتين عبر نافذة يتحاوران من خلالها ويودّعان بعضهما البعض. على الجهة الأخرى تتحوّل رحلة سوزان وجاك إلى نوع من الصراع المفتوح على المجهول، إذ لا يعرفان إلى أين يسيران وما هو هدفهما، لاسيما بعد عثور سوزان بشكل مفاجئ على شقيقتها ثم بدء الثلاثة رحلة الخلاص. على صعيد البناء المكاني تم التصوير في الأماكن الحقيقية غالبا، ولم تكن هنالك عناية كافية بعناصر التكوين في الصورة ولا قوة الصورة، وحتى المونتاج لم يتناسب كثيرا مع الإيقاع السريع للمواجهة ما بين الموبوئين والأصحاء. هذه الدراما الفيلمية التي صارت تكريسا للبطولة الفردية لجاك وسوزان لم تستند في الأفلام من هذا النوع إلى حالة الطوارئ وتدخلات الحكومة وما إلى ذلك، إذ غالبا ما يظهر المسؤولون ورؤساء الوزارات لكشف حقيقة ما يجري، لاسيما وأن صورا متلاحقة تظهر حجم الدمار الهائل الذي ضرب قلب لندن، ومع ذلك لم يظهر سوى المرور السريع للطائرات المقاتلة. وإذا كنا نعلم مسبقا أن البناء السردي في مثل هذا النوع الفيلمي يقوم على الصراع بين فريقين وهما الموبوؤون أي المصابون وأولئك الناجون، فإن هنالك الكثير ممّا يجب عرضه على طريق تلك المعاناة وعدم الاكتفاء بالفعل ورد الفعل، ومن ذلك الضرب والقتل والدم. لكن هذا الفيلم لم يتعدّ تلك المواجهة، حيث تميّزت سوزان بما يمكن أن نسميه الفتاة ذات المطرقة، فهي تجهز على الفامباير بالمطرقة. في موازاة ذلك، كانت هناك المشاهد الأكثر درامية وتأثيرا، ومنها مثلا اكتشاف أن شقيقة جاك لا تزال حية رغم إصابتها بالوباء وأن زوجها حرص على الاحتفاظ بها، ثم لقاء سوزان بشقيقتها وهي التي ظنت أنها كانت من بين الهالكين. على أن المشاهد الختامية هي الأكثر درامية، فالناجون الثلاثة الذين يتسلقون سطح إحدى الكنائس تشتبه بهم دورية للطائرات بكونهم من الموبوئين، فتطلق عليهم في مشهد ختامي لم يظهر بشكل مفصّل وواضح.

مشاركة :