هل تنجح الأمهات العربيات في ترميم علاقتهن ببناتهن المراهقات | | صحيفة العرب

  • 8/23/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لندن - تعاني الكثير من الأمهات من مشكلات مع بناتهن المراهقات تتعلق بغياب التفاهم بينهن والتوتر الدائم الذي يسود علاقتهن خلال هذه الفترة، وقد تبدو هذه مشكلة عامة في أغلب العائلات لاسيما مع وجود الاختلافات في وجهات النظر. وتبدأ أولى المشكلات بمجرد ظهور أولى التغيرات على الفتاة التي تدخل حديثا سن المراهقة الحساس، حيث تختلف هذه المتغيرات باختلاف طبيعة شخصية الفتاة ومحيطها أو حتى طبيعة الأصدقاء الذين تخالطهم أو الظروف الخاصة بعائلتها. وتهتم أغلب الفتيات المراهقات بمظهرهن الخارجي بشكل قد يبدو مبالغا فيه بالنسبة إلى الأم أو الأب، رغم أنه أمر طبيعي مرتبط بالفترة الانتقالية التي تعيشها الفتاة والتي تكون بمثابة جسر يربط حياة الطفولة التي تخرج منها بحياة الشباب التي تدخلها. وينتاب الفتاة خلال مرحلة المراهقة العديد من التغيرات سواء النفسية أو الجسدية؛ فهي تشعر أنها أصبحت على قدر كبير من النضج والاستقلالية، لذلك سرعان ما نجدها تدخل في قصة حب وغرام مع شاب، وتبدأ في الأحلام الجامحة للتخلص من مرحلة الطفولة والبحث في خبايا الجنس الآخر. لكن أولياء الأمور لاسيما في المنطقة العربية ينظرون إلى اهتمام المراهقة بمظهرها الخارجي على أنه أول علامات انفلاتها واتباعها سلوكا غير سوي يخرج عن النهج المحافظ للمجتمعات العربية، وهو ما يدفع الأم – التي تكون أغلب الوقت مع ابنتها باعتبار وجود الأب في العمل – في صدام متواصل مع ابنتها عندما تحاول لجم سلوكها وإرجاعها بحسب رأيها إلى “السلوك السوي والمحافظ”. العائلة تنظر إلى اهتمام المراهقة بمظهرها الخارجي على أنه أول علامات انفلاتها واتباع سلوك يخرج عن النهج المحافظ للمجتمعات وتزداد الأوضاع سوءا عندما تكتشف الأم وقوع ابنتها في الحب أو أن لها حبيبا سريا، فتبدأ في تطبيق إجراءات أكثر تشددا في تعاملها مع ابنتها المراهقة من بينها مراقبة تحركاتها وتنقلاتها واتصالاتها وقد يصل الأمر بالبعض من الأمهات إلى التجسس على بناتهن والتفتيش في أغراضهن وبين كتبهن. وينظر البعض إلى حب المراهقة على أنه امتداد طبيعي للحب الحقيقي، والبعض الآخر يرى أنه تمرد تعيشه المراهقة لسعيها وراء إثبات الذات وفرض السيطرة؛ فالفتاة في هذه المرحلة يظهر عليها الخجل بصورة أكبر وتميل إلى العزلة وكتمان الأسرار، وتبدأ في اختبار نفسها لمشاعر الحب والانجذاب للجنس الآخر. ويجب على الأم أن تتعامل مع هذه المشاعر الطبيعية بصدر رحب، وأن تستمع لابنتها بل وتنصحها وتحترم مشاعرها ولا تسخر منها، وأن تبتعد عن استخدام العنف أو العناد أو التوبيخ في التعامل مع الفتاة، لأنها من الأشياء التي تجعل الفتاة في مرحلة المراهقة تتمرد، فتجب معاملتها على أنها شخص بالغ عاقل ليست طفلة ومناقشتها بأسلوب به قدر من الاحترام لآرائها ومشاعرها. ويشير علماء نفس إلى أنه على الأم أن تكون قدوة لابنتها لكي تشعر بالثقة، وأن تتحدث معها عن مشاعر الحب والفرق بين الحب والإعجاب ولا تخجل من ذلك، ولا تنظر إليه على أنه من ضمن الأشياء الممنوع الحديث عنها، لكي تكون الفتاة صريحة مع والدتها ولا تخفي عنها شيئا، وتكون الصراحة هي عنوان العلاقة بينهما. كذلك يجب أن تتمتع الفتاة بقدر من الحرية والاستقلالية وعدم اقتحام خصوصياتها وإضافة إلى عدم مراقبتها في كل كبيرة وصغيرة. وقالت د. هبة العيسوي، أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس بالقاهرة، إن الفتاة في مرحلة المراهقة تمر بفترة تتغير فيها احتياجاتها ومشاعرها، وتشعر برغبة في معرفة الجنس الآخر. وقد تعيد النظر في بعض الاختيارات التي قامت بها من قبل مثل إعجابها بزميل، فقد تتراجع عن رأيها فيه في هذه المرحلة، ثم تمر الأيام وتتغير مشاعر الطرفين، وقد يكون الحب ثابتا ولا يتغير. وأوضحت أن هذا يتم تحديده وفقا لدرجة نضوج الشخصية. وتابعت “لذلك لا بد من مساندة الأم لابنتها المراهقة التي تمر بقصة حب والوقوف بجانبها ومحاورتها والحذر من توبيخها حتى لا ترتكب خطأ دون معرفتها”، مؤكدة أنه على الأم أن توضح لابنتها بأن الحب الحقيقي يجعل الشخص ناجحا ومتفوقا في حياته الدراسية والاجتماعية ويكسب احترام الآخرين، أما الحب الزائف فهو يفقد احترام الآخرين له. ضرورة احتواء الابنة المراهقة ضرورة احتواء الابنة المراهقة ونصحت د. العيسوي الأم بأهمية احتواء ابنتها خلال تلك الفترة وأن تغمرها بحبها وحنانها حتى لا تبحث عنهما في مكان آخر، ومن الممكن أن تقابل هذا الزميل الذي تحبه ابنتها. وأكدت أنه في حالة عدم توجيه هذه العاطفة إلى مسارها الصحيح فإنها تصبح مشكلة، مشيرة إلى أن الفتاة في هذه السن تحتاج إلى القدوة الحسنة التي ترشدها إلى الطريق الصواب. فشعور الفتاة بقرب الأم منها يعطيها إحساسا بالثقة وفرصة لمصارحة والدتها ومصادقتها وعدم الخوف من ردة فعلها أو النفور منها، لأن الحواجز التي تضعها الأم من شأنها أن تجعل الابنة المراهقة حبيسة الأفكار المتضاربة في أذهانها، ومن هنا تبحث عن بديل للأم لكي تفرغ ما بداخلها. وقد أوضحت الإحصائيات أن خلافات الأم مع ابنتها المراهقة تحدث بشكل شبه يومي ما بين خمس عشرة إلى عشرين دقيقة على الأكثر، على عكس الأبناء الذكور الذين يجادلون الأمهات لمدة عشر دقائق فقط أسبوعيا. وقال د. علي فهمي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، من حق أي فتاة أن تعيش حريتها، ولكن بحدود وأن تكون متوازنة، وألا يكون ذلك على حساب علاقتها مع والدتها التي هي في النهاية أمها، ولها حقوق عليها. وأفاد “لكن للأسف الشديد هناك حالة من الخصام الشديد بين الفتيات وأمهاتهن، مما أدى لأن تصبح الأم غير مطلوبة ولم تعد الأم الحنون كاتمة الأسرار مثلما كانت تفعل الأمهات في الأزمان الماضية”. وشدد د. فهمي على أن تعامل الأمهات مع بناتهن بعقليات الماضي من أول أسباب تلك الفجوة. فالتمسك بتلك العقليات يخلق حالة من التباعد الثقافي وعدم التفاهم بين فتيات الجيل الجديد والأمهات. وأهم مظاهر تلك الفجوة هو عدم طاعة البنت لأمها في كل الأمور وعدم وجود فتيات يقلدن أمهاتهن ويعشن في جلبابهن مثل الزمن الماضي حيث كان هذا هو الطبيعي والمعتاد.

مشاركة :